حكم ترك الصلاة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن الصلاة شعيرة عظيمة، وعبادة جليلة، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي آخر ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا : ( الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم ) ومع ذلك تساهل كثير من المسلمين في شأنها، فالمساجد تبكي المصلين -وما أقلهم- وأحسن أحوال كثير من المسلمين من يصلي فريضة أو فريضتين في المسجد، إلا ما رحم الله، ممن جمع قلبه على حب الصلاة، وتعلق بالمسجد، وإلا فالأكثرون في بيوتهم، والله المستعان.
أما ترك الصلاة، فهذه بلية كبرى، وفاجعة كبيرة، فمن ترك الصلاة فهو على شفا هلكة، وقد عرض نفسه لوعيد شديد، غير أني -ومن باب الأمانة العلمية- أسوق الخلاف في حكم تارك الصلاة، مع قطعي وعلمي بكفر تارك الصلاة بالكلية، فأقول:
اختلف أهل العلم في حكم ترك الصلاة على ثلاثة أقوال:
-فذهب الحنفية إلى عدم كفر التارك للصلاة، لكنه يحبس حتى يصلى.
-وذهب المالكية والشافعية إلى عدم كفره، لكنه يقتل إذا لم يصلِّ.
-وذهب الحنابلة في المشهور من مذهبهم إلى كفر تارك الصلاة.
والقول الثالث -وهو تكفير تارك الصلاة بالكلية- هو مقتضى النصوص، وهو ما عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قام صريحا من أدلة الشرع مع يدل على ذلك، ففي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" .
وأخرج أحمد في مسنده عن أم أيمن رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من ترك الصلاة متعمداً برئت منه ذمة الله ورسوله" ، وعن بريدة بن الحصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" .أخرجه أصحاب السنن.
وعن عبد الله بن شقيق قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركُه كفرٌ، إلا الصلاة".
قال ابن حزم رحمه الله كما في المحلى (2/326): رُوِّينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعاذ بن جبل ، وابن مسعود ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وعن ابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم ، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة ، والتابعين رضي الله عنهم ، أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها ، فإنه كافر ومرتد.
فانظر بارك الله فيك، هذا في ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها -وما أكثر من يُخرج صلاةَ الفجر عن وقتها- فكيف بمن ترك الصلوات كلَّها؟!! نسأل الله تعالى العافية.
فعلى المسلم الفطن أن يتقي الله في نفسه، وأن يبادر إلى التوبة من هذا الذنب العظيم، وتلك الكبيرة النكراء، وأن يُقبل على الله تعالى بقلبه وقالبه، ويواظب على الصلاة، وعلى الرجال من المسلمين أن يصلوها حيث ينادى بها، أي في المساجد.
ثم ليعلم من كان تاركا للصلاة أنه في حال توبته لا يُلزم بقضاء ما فات من صلوات، لكن يتعاهد نفسه بكثرة النوافل، مع كثرة الاستغفار، علَّ الله تعالى أن يتقبلنا جميعا في التائبين، والله تعالى أعلم.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 28/12/1433هـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن الصلاة شعيرة عظيمة، وعبادة جليلة، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي آخر ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا : ( الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم ) ومع ذلك تساهل كثير من المسلمين في شأنها، فالمساجد تبكي المصلين -وما أقلهم- وأحسن أحوال كثير من المسلمين من يصلي فريضة أو فريضتين في المسجد، إلا ما رحم الله، ممن جمع قلبه على حب الصلاة، وتعلق بالمسجد، وإلا فالأكثرون في بيوتهم، والله المستعان.
أما ترك الصلاة، فهذه بلية كبرى، وفاجعة كبيرة، فمن ترك الصلاة فهو على شفا هلكة، وقد عرض نفسه لوعيد شديد، غير أني -ومن باب الأمانة العلمية- أسوق الخلاف في حكم تارك الصلاة، مع قطعي وعلمي بكفر تارك الصلاة بالكلية، فأقول:
اختلف أهل العلم في حكم ترك الصلاة على ثلاثة أقوال:
-فذهب الحنفية إلى عدم كفر التارك للصلاة، لكنه يحبس حتى يصلى.
-وذهب المالكية والشافعية إلى عدم كفره، لكنه يقتل إذا لم يصلِّ.
-وذهب الحنابلة في المشهور من مذهبهم إلى كفر تارك الصلاة.
والقول الثالث -وهو تكفير تارك الصلاة بالكلية- هو مقتضى النصوص، وهو ما عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قام صريحا من أدلة الشرع مع يدل على ذلك، ففي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" .
وأخرج أحمد في مسنده عن أم أيمن رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من ترك الصلاة متعمداً برئت منه ذمة الله ورسوله" ، وعن بريدة بن الحصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" .أخرجه أصحاب السنن.
وعن عبد الله بن شقيق قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركُه كفرٌ، إلا الصلاة".
قال ابن حزم رحمه الله كما في المحلى (2/326): رُوِّينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعاذ بن جبل ، وابن مسعود ، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وعن ابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه رحمة الله عليهم ، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة ، والتابعين رضي الله عنهم ، أن من ترك صلاة فرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها ، فإنه كافر ومرتد.
فانظر بارك الله فيك، هذا في ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها -وما أكثر من يُخرج صلاةَ الفجر عن وقتها- فكيف بمن ترك الصلوات كلَّها؟!! نسأل الله تعالى العافية.
فعلى المسلم الفطن أن يتقي الله في نفسه، وأن يبادر إلى التوبة من هذا الذنب العظيم، وتلك الكبيرة النكراء، وأن يُقبل على الله تعالى بقلبه وقالبه، ويواظب على الصلاة، وعلى الرجال من المسلمين أن يصلوها حيث ينادى بها، أي في المساجد.
ثم ليعلم من كان تاركا للصلاة أنه في حال توبته لا يُلزم بقضاء ما فات من صلوات، لكن يتعاهد نفسه بكثرة النوافل، مع كثرة الاستغفار، علَّ الله تعالى أن يتقبلنا جميعا في التائبين، والله تعالى أعلم.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 28/12/1433هـ