خزانة الفتاوى / الصلاة / حكم ختمة القرآن الجماعية على الواتس، وحكم المليونيات والحملات، كمليونية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وحملة الاستغفار، ونحوه.

حكم ختمة القرآن الجماعية على الواتس، وحكم المليونيات والحملات، كمليونية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وحملة الاستغفار، ونحوه.

تاريخ النشر : 22 جمادى أول 1440 هـ - الموافق 29 يناير 2019 م | المشاهدات : 28630
مشاركة هذه المادة ×
"حكم ختمة القرآن الجماعية على الواتس، وحكم المليونيات والحملات، كمليونية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وحملة الاستغفار، ونحوه."

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

حكم ختمة القرآن الجماعية على الواتس، وحكم المليونيات والحملات، كمليونية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وحملة الاستغفار، ونحوه.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد

فإنه يكثر جدا السؤال عن قراءة وختم القرآن جماعيا على الواتس، ونحوه، وعلى الحملات التي يدشنها بعضهم بقوله: حملة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وماشابه، فأقول فيها وبالله التوفيق:

هذا الختمات والحملات منها ما هو موافق للشرع، لا تشوبه البدعة، ومنها ما هو خطأ في صياغته، ولو عُدِّل لصحَّ، ومنها ما هو بدعة، لا يجوز نشره أو التعاون على ذلك، على التفصيل الآتي:

أولا: القراءة الجماعية.

فإن كانت المرأة في بيتها، تقرأ مع زميلاتها، عبر الواتس، وكل قارئة تقرأ جزءها، فله صور:

الأولى: أن تكون القارئة بحيث تقرأ جزءًا، ويمرُّ عليه الجميع، بحيث تقرأ الأولى الجزء الأول، ثم الثانية أيضا الجزء الأول، ثم الثالثة ثم الرابعة، ثم يبدأن جميعا الجزءَ الثاني، ثم الثالث إلى آخر المصحف، وتكتب التي عليه الدور: "تم"، فهذا لا حرج فيه البتة، سواء كان بصوت أم غيره، ولا بدعة في هذا.

ولو انتهوا جميعا من المصحف يصح أن يقال: ختمن المصحف.

الصورة الثانية: أن تقرأ الواحدة الجزء الاول، ثم الثانية الجزء الثاني، ثم الثالثة الجزء الثالث، فلا بأس في ذلك أيضا، وهو خلاف الأولى، إلا إن استطعن أن تمر القارئة على كل أجزاء القرآن، فلا بأس، لكن هذا لا يسمى ختمة، حتى تقرأ القارئة الثلاثين جزءا، ولو أنها قرأت الأول، ثم سمعت من الثانية الجزء الثاني، ومن الثالثة الجزء الثالث، كان أفضل، ولا يسمى أيضا ختمة، حتى تقرأ الثلاثين جزءا، ولا يجزئها السماع عن القراءة، بل حتى تختم لابد أن تقرأ المصحف كاملا، وهذا من أكثر ما أسأل عنه، وليس فيه بدعة أيضا، لكنه من الأخطاء في تسميته ختمةً.

وحقيقة هذه الصورة والتي قبلها أن القارئة ما زادت على أن قرأت جزءا من القرآن في بيتها، بالترتيب مع الأخريات في بيوتهن، فأين البدعة في ذلك؟!

فإن أضيف إلى ذلك القراءة والتسميع بالصوت عبر البرامج المعدة لذلك، فهو أعظم وأكمل، ويحصل به ما يحصل بالذهاب للمسجد وزيادة الأمن وحفظ النفس بعدم خروجها من البيت.

الصورة الثالثة: أن يجتمعن على قراءة محدثة، كأن يقفن عن آية معينة، ويكررنها عددا من المرات، أو يرفعن أصواتهن عند آيات معينة، أو يكررن جزءا معينا عددًا من المرات، ونحو ذلك، أو يربطن القراءة بأزمان خاصة يعتقدن فضلها بغير دليل، كنهار الجمعة أو ليلتها أو عصر يوم الأربعاء ونحوه، فهذا لا يجوز، وهو من البدع والمحدثات.

فهذا هو التقييد العددي أو الزمني الذي يَجعلُ العملَ مبتدعًا، غيرَ موافقٍ لشرع الله، أما مجرد الجلوس أو الترتيب والتنسيق بين القارئات، فليس من قبيل البدع في شيء؛ إذ لم يعتقدن فضلا معينا في الجلوس أو الترتيب، إنما لما فيه من التنظيم وشحذ الهمم والمواصلة اتفقن عليه.

الصورة الرابعة: وهي ما إذا اتفقت مجموعة من النساء على قراءة عشر آيات يوميا أو أكثر أو أقل، وتكتب من انتهت من عشرها: "تم"، وقد وقع في هذه الصور نزاع، وقيل: إنها من البدع، لأن فيها عددًا مقصودًا!!

 

قلت: والأرجح عندي أن هذا ليس من البدع، وأن العدد الذي يُصيِّر المعاملةَ بدعةً هو العدد المقصود لذاته، واعتُقِد فيه فضلٌ خاصٌّ، أما هنا فالعشر آيات من باب الترتيب لا اعتقاد الفضل فيه، فلخِفَّتِهِ ويسرِهِ على القارئات اخترنه، وقد يزيد أو يقل بحسب القدرة، فذكر هذا العدد، ترتيبا وتخفيفا لا أكثر، ومن ثم فلا يظهر بدعية هذه الصورة.
نعم، لو كان العدد يشعر بشيء، كما لو أردن قراءة إحدى عشرة آية، أو اثنين وعشرين آية، ونحوه، فهذه الأرقام مشعرة بأنهن يعتقدن فضلا خاصا فيه، فهذا من البدع، ولا شك.

أما الحملات أو المليونيات الداعية إلى الذكر، فهي على النحو الآتي:

الأول: أن تشتمل على دعوة عامة إلى ذكر عام، دون تقييده بعدد محدد، أو زمن محدد، أو فضلٍ بغير دليل، ودون اجتماع عليه في وقت معين، كحملة: استغفروا الله، أو صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فلا أرى بأسا بذلك، مادامت خاليةً مما ذُكِر.

الثاني: أن تشتمل تلك الدعوة على عبارات خاطئة، كقوله: حملة الاستغفار بنية الشفاء، أو الصدقة بينة الفرج، فهذا عبث؛ إذ أثرُ الاستغفارِ والصدقةِ لا يفتقر لنية أحد، فمثل هذا يصحح، ويقال: حملة الاستغفار أو استغفروا ربكم، دون هذا القيد المذكور، ولا بأس أيضا، ولا بدعة في ذلك.

وهذه الصورة والتي قبلها، ما هي إلا أخذٌ بأمرِ اللهِ تعالى في كتابه: (صلوا عليه وسلموا تسليما) أو قوله: (وقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا) ونحوهما.

الثالثة: أن تحدد بزمان أو عدد أو فضل بلا دليل، أو اجتماع على عدد او وقت محدد، مثل: حملة: استغفروا يوم الجمعة ألف مرة، أو الصلاة على النبي 600 مرة يوم كذا، ونحوه، أو حمد الله تعالى ليلة الثلاثاء، أو فجر الأربعاء، أو الصلاة غدا ركعتين بنية رفع الحرج عن أهل غزة، أو حملة صوم يوم جماعيا، ونحو ذلك، فهذا من البدع، ولا يجوز نشره وترويجه.

ويستثنى من ذلك ما إذا وافقت الدعوة إلى الصومِ صومَ يومٍ مقصودٍ شرعًا، كصوم الاثنين أو الخميس أو عاشوراء وعرفة ونحوه، فلا بأس فيه.

ولا يدخل في المنع أو البدعة حملةُ "مليونية الصلاة على النبي صلى الله عليه سلم"، فهذا جائز، فالعدد ليس مقصودا، لكن كاتب هذه الحملة يريد أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أعدادٌ غفيرةٌ من الناس، يَصِلون المِليونَ ويزيد، فلا حرج فيه.

فإن اشتملت على الاجتماع عليه ونحوه، أو ارتبط بحَدَث أو تاريخ معين، مثل أن يكون من أجل المولد النبوي أو من أجل تاريخ الهجرة كان من البدع وحَرُم.

تنبيه: اشتراط ألا تصح القراءة الجماعية إلا في المسجد، وأن هذا فقط هو الموافق للشرع، فهذا غير صحيح، بل يندب للرجال فقط، دون النساء الاجتماع للقراءة في المسجد، عملا بالحديث الصحيح: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يقرأون كتاب الله .. الحديث) وهو لا ينفي صحة القراءة والاجتماع في البيوت للرجال، لكن المسجد أفضل، فصحته وجوازه للنساء من باب أولى، وليس كما يظن البعض أن المسجد مقصود بالقراءة، ولا يحصل الفضل في غيره!!

والله الموفق

كتبه: د.محمد بن موسى الدالي

في 21/12/1439هـ

 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف