سؤال: نظرا لأن بعض الجزارين يزيد في وزن الذبائح (الأضاحى وغيرها) بالماء ونحوه، فحينما نشتريها، تكون بزيادة كيلوات، لا وجود لها حقيقة، وحتى نتخلص من هذا الغش نقوم بدفع جزء من الثمن، كعربون، أو لحجز هذا العجل مثلا، ثم نقوم بالوزن بعد الذبح، وإتمام عملية الشراء، ونتفق على أن الكيلو بكذا، فما حكم هذا العمل؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
هذه المعاملة اشتملت على عدة إشكالات:
الأول: أن العقد فيه ابتداء جهالة، فالعقد على مجهول الوزن، وهذا غرر نهت عنه الشريعة.
ثانيا: أنه بدفع جزء من الثمن، فإنه يكون بيعًا مُعلَّقًا، غيرَ منجَّز، والأصل في عقود البيع أنها ناجزة.
ثالثا: أن من أراد الأضحية، على هذه الصورة، فإن شراءه لهذا العجل أو هذا الخروف مثلا لا يكون بيعا تاما إلا بعد الذبح، فيكون عند الذبح في ملك البائع (الجزار)، لا المشتري، ولا ذُبحت عنه، وعليه فهي لا تجزىء كأضحية عن المشتري؛ لأنه لم يكن مالكًا لها عند الذبح، إذ هي باقية على ملك البائع!
ولهذا فمن أراد أضحية على هذه الصورة لم تصح أضحيةً، ولا تجزئه عنها، إنما تصحُّ لحمًا، يأكل منه، ويتصدق ويهب ويهدي.
فعلى من أراد الأضحية أن يفعل واحدا من تلك الأمور:
الأول: المواعدة بينهما، على أن هذه الشاة مثلا، على اسم فلان، وعند العيد، وبعد اكتمال وزنها، يوقع عقد البيع عليها مباشرة، ويلتزم الطرفان بالوعد، سيما الجزار!
الثاني: أن يُنفِذ البيع كله عند الشراء، ثم لو تركها تُعلف عن الجزار ونحوه، وأعطاه أجرة ذلك، أو ثمن العلف، فلا بأس، تخلصا من إيقاع البيع بعد الذبح!! من أجل أن يتم الذبح على اسم المشتري، وليس على اسم الجزار، فيحصل للمضحِّي مُرادُهُ من الأضحية.
الثالث: أن يشتري الذبيحة جُزافًا، بالواحدة، وهذا كثيرٌ في سوق الغنم ونحوه، وهذا أحوط وأبعد عن التهمة، فيصح البيعُ بكل حالٍ، سواء اشترى مبكِّرا، أو يوم العيد، ويسلم بذلك من كل شبهة.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في السادس من ذي الحجة، لعام أربعة وأربعين وأربعمائة وألف، من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.