خزانة الفتاوى / المعاملات / حكم استعمالِ البرامجِ المنسوخةِ والتربُّحِ منها

حكم استعمالِ البرامجِ المنسوخةِ والتربُّحِ منها

تاريخ النشر : 7 ربيع أولl 1441 هـ - الموافق 05 نوفمبر 2019 م | المشاهدات : 923
مشاركة هذه المادة ×
"حكم استعمالِ البرامجِ المنسوخةِ والتربُّحِ منها"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فإن هذه المسألة تقع كثيرا، كما يكثر السؤال عنها أيضا، ولتحرير المسألة يجب أن يعلم أن تلك المسألة لها أربع صور: الأولى: أن تنصَّ الشركة المنتِجة أنه لا يجوز بحال من الأحوال نسخ المضمون أو تلك الاسطوانة أو هذا البرنامج أو الاستفادة منها، إلا بإذن منهم عن طريق شراء النسخة الأصلية، وقد يشددون في ذلك فيضعون يمينا تقسمه قبل الدخول لها، أو يكتبون حقوق النسخ محفوظة ونحوه. الثانية: أن تنصَّ الشركة على أنه لا بأس في استعمال هذا المنتج على المستوى الشخصي، أما المستوى العام فلا يجوز. الثالثة: أن تبيحها الشركة بشكل مباشر معلن في مواقعها على النت. الرابعة: ألا ينص صاحب المنتج على شيء. أما الصورة الأولى: فهي أشد تلك الصور، والذي يترجح أنه لا يجوز الاستفادة من تلك الاسطوانات أو البرامج، إلا بعد شرائها، سواء على المستوى الشخصي أم المستوى العام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) أخرجه أحمد وصححه الألباني، ولما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ دِمَـاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا). ومن النظر أيضا: فإن هذه البرامج خلاصةُ جهدٍ بشريِّ ومادي ومعنوي ووقت كبير، مع ما في ذلك من الاستعانة بالباحثين والمبرمجين الذين يكلفون الشركات نفقاتٍ باهظة، ولا يمكن أن يُهدر هذا العمل الكبير بهذا الشكل، فإن الشخص لو استعملها بهذه الطريقة فوَّت على أصحاب الشركات منافعَ كبيرة، وبقدر ما تنسخ أو توزع بقدر ما يفـوت عليهم من فوائد مالية أو معنوية يلحق إثمُها مَن يستعملها أو ينسخها ويوزعها . وفي هذا الشأن صدرت فتوى اللجنة الدائمة بتحريم ذلك، كما صدر بذلك قرار مَجمع الفِقه الإسلاميّ لعام 1405هـ بشأن الحقوق المعنوية، وجاء فيه: "إنَّ حقوق التأليف والاختراع مَصونةٌ شَرعًا، ولأصحابِها حَقُّ التَّصرُّفِ فيها، ولا يَجوزُ الاعتداءُ عليها". كما قرر في دورة مؤتمره الخامس بالكويت لعام 1409هـ ما يلي: " الاسم التجاري والعنوان التجاري ( العلامة التجارية والتأليف والاختراع أو الابتكار ) هي: حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها ". ويزداد التحريم فيما إذا أراد أن يتربَّح منها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ) أخرجه الدارقطنى، وهو صحيح، وقد يفضي هذا إلى إلحاق ضرر كبير بالشركة المنتجة، ربما أدى إلى إفلاسها، ومن ثم تُوقف هذه الأعمال الجليلة، ولا يخفى ما في ذلك من حرمان المسلمين من خير كبير كانت تلك الشركات تقدمه لهم. كما يجب أن يعلم أن الشخص يأثم إذا رأى قسما قد وضعته الشركة، ثم يتجاسر ويقسم، ظنًّا منه أنه لما كان مكتوبا ولا لفظ فيه، فلا حرج فيه، بل يجب أن يعلم أنها يمينٌ غموسٌ، تغمس صاحبها في الإثم. ويستوي في هذا الحكم ما إذا كانت البرامج إسلامية أم غير إسلامية، أو كانت مملوكة لمسلم أم لكافر، أو كان المقصد ضرب اقتصاد دول الكفر أم غيره، من المقاصد التي قد تظهر لأصحابها حسنة، وهي في الواقع تعدٍّ على حقوق الآخرين. وقد أباح بعض أهل العلم نسخَ أو استعمالَ هذه البرامج غير المرخصة، وغير المأذون في استعمالها، إن كان على المستوى الشخصي، ولا يظهر لي مستند أو دليل لذلك. ويستثنى من ذلك ما إذا أراد الشخص هذه النسخة، وتعذَّر عليه وجود النسخة الأصلية، فيباح استعمالها على المستوى الشخصي فقط؛ إذ هذا من باب الضرورات، فيَقتصر الشخص على قدر حاجته، فلا يتوسع ويهدي وينسخ لغيره. أما الحالة الثانية، فلا بأس فيما إذا استعملها على المستوى الشخصي، كما هو منصوص الشركة. والأمر واضح في الحالة الثالثة، والتي يباح فيها الاسـتعمال مطلقا. وأما الحال الرابعة، وهي فيما لو لم ينص صاحب المنتج على شيء، فالأظهر جواز الاستعمال؛ إذ سكوته مع قدرته على المنع مشعر بإباحته، غير أنه في تلك الحال الأولى بالمسلم الاحتياط، وألا يتجاوز في الاستفادة من هذا المنتج، ولا يتعدى به المستوى الشخصي. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "يتبع فيها ما جرى به العرف، اللهم إلا شخصاً يريد أن ينسخها لنفسه ولم ينص الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به بأس، أما إذا نص الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاص والعام فلا يجوز مطلقًا". اهـ. أما ما يتقاضاه العامل من راتب أو أجرة على عمله، مع كونه قد استعمل تلك البرامج والاسطوانات غير المرخصة، فلا حرج عليه فيه؛ لأنه مقابل عمله وجهده الذي قام به، مع إثمه باستعمالها فيما، ويتحتم عليه تنبيه جهة العمل لتوفير نسخ مباحة بشكل صحيح. والله الموفق كتبه: د. محمد بن موسى الدالي في 12/4/1436هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف