السؤال:
اتفق مع صديق له ( دلال ) على أن يرفع السعر على المشتري، مقابل الدلالة
لدي محل بيع كمبيوتر يأتيني صديق، ويقول لي كم سعر اللاب توب بالجملة، فأخبره بأن سعره مثلاً 600 دولار، يقول خلاص سوف آتي بزبون معي، قل له السعر 650 دولار، وتكون 50 الزائدة له، فهل يجوز ذلك الفعل ؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فلا بأس في تلك المعاملة على الوصف المذكور، وذلك أن الأصل في المعاملات الحل، قال تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة:275]، ومن المتقرر شرعا أن البائع له أن يضع السعر الذي يراه مناسبا، مع وضعه في الاعتبار أجرة الشخص الذي يجلب الزبون، وهو من يسمى بالسمسار أو الدَّلَّال، فهذه المسألة تندرج تحت عقود السمسرة، وهي التّوسّط بين البائع والمشتري في عقود المعاوضات، مقابل مبلغ مالي.
وعقد السمسرة جائز في قول أكثر الفقهاء، ولهم أدلة كثيرة على جوازه، من ذلك:
أولا: أن الأصل في المعاملات الحل حتى يقوم الدليل على التحريم.
ثانيا: عن قيس بن أبي غرزة رضي الله عنه قال: كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسمَّى السماسرة، فمرَّ بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمانا باسم هو أحسن منه، فقال: ( يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة ).أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح.
ثالثا: قَالَ اِبْن عَبَّاس رضي الله عنهما: "لَا بَاسَ أَنْ يَقُول بِعْ هَذَا الثَّوْب، فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَك". أخرجه البخاري معلقا.
رابعا: ورد إباحة السمسرة عن جمع من السلف، قال البخاري رحمه الله: "وَلَمْ يَرَ اِبْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءُ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَار بَأْسًا".
وقال رحمه الله: " سُئِلَ عَطَاء عَنْ السَّمْسَرَة فَقَالَ لَا بَأْس بِهَا ".
خامسا: أنَّ الحاجة تدعو للتعامل بالسمسرة؛ وذلك أنَّ بعض الناس قد لا يحسن البيع والشراء، أو لا يمكنه الخروج للسوق بسلعته، فيحتاج إلى من يقوم بذلك عنه.
تنبيه:
أخرج الشيخان في الصحيحين من حديث عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { لَا تَلَقُّوا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ } قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ { وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا } فتوهم البعض أن هذا الحديث دليل على تحريم السمسرة، والصحيح أنه ليس في الحديث نهيٌ عن السمسرة، وإنما النهي عن تلقي الحاضرِ للبادي، فيشتري منه السلعة بثمن قليل، ليبيعه على الناس بثمن غالي، لما فيه من تغرير للجالب البادي، فَإِنَّهُ إذَا قَدِمَ إلَى الْبَلَدِ أَمْكَنَهُ مَعْرِفَةُ السِّعْرِ وَطَلَبَ الْحَظَّ لِنَفْسِهِ.
والتعبير بالسمسرة في الحديث لا لعموم النهي عنها، إنما النهي متوجه لهذه الصورة المذمومة من صور السمسرة، وهي تلقي الحاضر للبادي؛ حيث يفوِّت على البادي الربح، وربما كان سببا في رفع ثمن السلعة، فيعود بالضرر على الناس، فحرم الشارع هذه الصورة من المعاملات.
والله أعلم
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 28/7/1436هـ
خزانة الفتاوى / المعاملات / بيع السلعة بزيادة تدفع للدلال (السمسار) مقابل الدِّلالة.
بيع السلعة بزيادة تدفع للدلال (السمسار) مقابل الدِّلالة.
السؤال:
اتفق مع صديق له ( دلال ) على أن يرفع السعر على المشتري، مقابل الدلالة
لدي محل بيع كمبيوتر يأتيني صديق، ويقول لي كم سعر اللاب توب بالجملة، فأخبره بأن سعره مثلاً 600 دولار، يقول خلاص سوف آتي بزبون معي، قل له السعر 650 دولار، وتكون 50 الزائدة له، فهل يجوز ذلك الفعل ؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فلا بأس في تلك المعاملة على الوصف المذكور، وذلك أن الأصل في المعاملات الحل، قال تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة:275]، ومن المتقرر شرعا أن البائع له أن يضع السعر الذي يراه مناسبا، مع وضعه في الاعتبار أجرة الشخص الذي يجلب الزبون، وهو من يسمى بالسمسار أو الدَّلَّال، فهذه المسألة تندرج تحت عقود السمسرة، وهي التّوسّط بين البائع والمشتري في عقود المعاوضات، مقابل مبلغ مالي.
وعقد السمسرة جائز في قول أكثر الفقهاء، ولهم أدلة كثيرة على جوازه، من ذلك:
أولا: أن الأصل في المعاملات الحل حتى يقوم الدليل على التحريم.
ثانيا: عن قيس بن أبي غرزة رضي الله عنه قال: كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسمَّى السماسرة، فمرَّ بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمانا باسم هو أحسن منه، فقال: ( يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة ).أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح.
ثالثا: قَالَ اِبْن عَبَّاس رضي الله عنهما: "لَا بَاسَ أَنْ يَقُول بِعْ هَذَا الثَّوْب، فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَك". أخرجه البخاري معلقا.
رابعا: ورد إباحة السمسرة عن جمع من السلف، قال البخاري رحمه الله: "وَلَمْ يَرَ اِبْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءُ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَار بَأْسًا".
وقال رحمه الله: " سُئِلَ عَطَاء عَنْ السَّمْسَرَة فَقَالَ لَا بَأْس بِهَا ".
خامسا: أنَّ الحاجة تدعو للتعامل بالسمسرة؛ وذلك أنَّ بعض الناس قد لا يحسن البيع والشراء، أو لا يمكنه الخروج للسوق بسلعته، فيحتاج إلى من يقوم بذلك عنه.
تنبيه:
أخرج الشيخان في الصحيحين من حديث عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { لَا تَلَقُّوا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ } قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ { وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا } فتوهم البعض أن هذا الحديث دليل على تحريم السمسرة، والصحيح أنه ليس في الحديث نهيٌ عن السمسرة، وإنما النهي عن تلقي الحاضرِ للبادي، فيشتري منه السلعة بثمن قليل، ليبيعه على الناس بثمن غالي، لما فيه من تغرير للجالب البادي، فَإِنَّهُ إذَا قَدِمَ إلَى الْبَلَدِ أَمْكَنَهُ مَعْرِفَةُ السِّعْرِ وَطَلَبَ الْحَظَّ لِنَفْسِهِ.
والتعبير بالسمسرة في الحديث لا لعموم النهي عنها، إنما النهي متوجه لهذه الصورة المذمومة من صور السمسرة، وهي تلقي الحاضر للبادي؛ حيث يفوِّت على البادي الربح، وربما كان سببا في رفع ثمن السلعة، فيعود بالضرر على الناس، فحرم الشارع هذه الصورة من المعاملات.
والله أعلم
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 28/7/1436هـ
المادة السابقة
المادة التالية