الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجعين، وبعد
ففي ظل ما أصاب المسلمين من الابتلاء بفيروس الكرونا، والله المستعان، فقد توجه فِئام من المسلمين إلى الله تعالى، بالمشروع وغير المشروع لرفع هذا البلاء، وعليه فأنبه على الآتي:
من المشروع: الدعاء والاستغفار والذكر والتوبة والإنابة، وتلاوة القرآن، والتضرع بين يدي الله تعالى أن يرفع عنا مقته وغضبه، وأن يردَّنا إليه ردًّا جميلا، وأن يرفع عنا البلاء والوباء وسيء الأسقام، وغيره من الأدعية المناسبة للمقام.
ومن المشروع: دعوة المسلمين عموما إلى الاستغفار والذكر والتلاوة والصدقة بالتوجيهات العامة، كقوله: استغفروا الله تعالى، توبوا إلى الله، أكثروا من ذكر الله تعالى، أكثروا من تلاوة القرآن، وأكثروا من الصلاة على رسول الله تعالى، فهذا موافق لنصوص الكتاب والسنة، ويحقق ما يريده الداعي إلى الله تعالى.
- ومن المشروع، وبكثرة: الدعاء والتوبة والإنابة والإقلاع عن المعاصي.
- ومن المشروع: الإكثار من نوافل العبادات، كلُّ عبدٍ في خاصته، دون اجتماع، من صلاة، وخاصة في الليل، أو صوم، وخاصة في المسنون، كالاثنين والخميس، أو صوم يوم وإفطار يوم، حتى يرى الله تعالى من عباده الخوف منه، والتذلل له، والإقبال عليه؛ عسى أن يرفع بذلك عنا مقته وغضبه.
ومن غير المشروع، ومن البدع:
- جمع الناس على صلاة خاصة لذلك.
- جمع الناس على التكبير الجماعي، أو الذكر الجماعي، على أسطح البيوت أو الشرفات والشبابيك ونحوه.
- جمع الناس على صوم يوم كذا، إلا أن يكون يوما يشرع صومه، مع بيان أن الصوم للسنة، كأن يدعو الناس إلى صوم يومي الاثنين والخميس؛ لكونه من السنة، لكن لا يشرع دعوتهم إلى صوم الغد أو يوم كذا؛ من أجل الوباء فقط، ولو وافق الخميس أو الاثنين؛ إذ هذا من جنس البدع.
وأقبح منه أن يدعو إلى الصوم لرفع البلاء يوم الجمعة أو السبت؛ فيجمع بين البدعة وفعل المحظور في العبادة.
- جمع الناس على حملة "ذكر الله تعالى باسم اللطيف 100 مرة"!!والاستعاضة عنه بالدعوة العامة إلى الذكر.
- جمع الناس على "حملة الاستغفار اليوم خاصة 100 مرة"، والاستعاضة عنه بالدعوة العامة إلى الاستغفار.
- جمع الناس للصلاة على أبواب المساجد، بعد تلك القرارات التي تحذر من التجمعات، والتي لم يقصد به إلا المصلحة والحماية، وليس الصد عن ذكر الله تعالى، أو عن بيوت الله تعالى، كما يزعمه الجُهَّال.
فكل ذلك مخالف لدين الله تعالى، سواء في تلك النازلة، أم غيرها، أم في استقرار الأحوال، وأكثره من البدع والمحدثات أو الفهم الخطأ لدين الله تعالى.
وعلى المسلم أن يعلم أن البدع لا تقرب من الله تعالى شيئا، ولا يرتفع بها البلاء، بل هي موجبة لغضبه تعالى، وفي الحديث: (فسُحقا سُحقا لمن أحدث بعدي) أي: بُعْدا بُعْدا، فإن ما عند الله تعالى لا يطلب بمعصيته، ولا ما يخالف دينَه، بل نتقرب إلى تعالى بما يرضيه عنا، ويتقبله منا.
نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يعاملنا برحمته وعفوه وجميل إحسانه، وأن يرفع عنا البلاء والوباء وكل الأمراض، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 29/7/1441هـ