هذه المسألة من مسائل النزاع، ويريدون بها: هل الجد لأبٍ كالأبِ، فيحجب الأخوةَ جميعا، أم ليس كالأب، فلا يحجبهم، إنما يرث معهم؟
والخلاف على هذين القولين:
فالجمهور على أنه ليس كالأب، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، واختاره جماعة من الصحابة، كزيد وهو أشهرهم، وينسب إليه، وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وغيرهم، رضي الله عنهم أجمعين.
والقول الثاني: أن الجد كالأب تماما، فيحجبهم، وهو المشهور من مذهب الحنفية، ورواية لأحمد، وهو مذهب أبي بكر وابن عباس وأربعةَ عشرَ صحابيًّا، رضي الله عنهم أجمعين، وهو القول الأرجح دليلا.
ضوابط في الجد مع الأخوة على مذهب الجمهور:
- المراد بالجد هنا الجد الصحيح، الذي ليس بينه وبين الميت أنثى، وهو أبو الأب، وإن علا، بمحض الذكور.
- الأخوة والأخوات في هذا الباب هم الأشقاء أو لأب فقط، أما الأخوة لأم فيحجبهم الجدُّ بالإجماع.
- الجد يحجب أبناء الأخوة الأشقاء أو لأب، بالإجماع.
- لا ينقص نصيب الجد عن ثلث المال، إن لم يوجد في المسالة صاحب فرض، ولا عن سدس المال، إن وجد في المسألة صاحب فرض، كما سيأتي.
- الجد في حال المقاسمة، كأخ من الأخوة تماما، أشقاء أو لأب، يعدل رأسا مع الذكور، ورأسين مع الأخوات.
للجد مع الأخوة على القول الأول حالان:
الأول: ألا يوجد في المسألة صاحب فرض، وللجد في هذه حالان، فيأخذ الأحظ من ثلث المال، أو أن يقاسم، وقد يستوي الحالان: الثلث والمقاسمة، وبكل حال لا يقل نصيبه عن الثلث.
كما لو هلك عن جد وأخ، فللجد المقاسمة؛ لأنها النصف، وهو أحظ له، ولو هلك عن جد وأختين شقيقتين كذلك.
ولو هلك عن جد وأربعة أخوة، فللجد ثلث المال؛ لأنه الأحظ له من المقاسمة، ويقسم الباقي بين الأخوة.
ولو هلك عن جد وأخوين، استوى الحال بالنسبة للجد، فله ثلث المال بكل حال.
الثانية: أن يوجد في المسألة صاحب فرض، وللجد في هذه الحال ثلاث أحوال: أن يأخذ الأحظَّ من: سدس المالِ كلِّه، أو ثلث الباقي أو المقاسمة، بعد أصحاب الفرض، ولا يمكن أن يقل عن السدس، بل تعول المسألة ليأخذ السدس كاملا، ويسقط الأخوة حينئذ.
فلو هلك عن بنت وابنة ابن وجدة وجد وشقيق، فلكل نصيبه، ويفرض للجد السدس كاملا، ولا شيء للشقيق.
ولو هلك عن زوج وأم وبنت وابنة ابن، وجد وأشقاء، فلكل نصيبه، ويفرض السدس للجد، وتعول المسألة، ويسقط الأشقاء.
أما لو هلك عن زوجة وجد وأخوين، فللزوجة نصيبها، ويأخذ الجد الأحظ من سدس المال، أو ثلث الباقي، أو المقاسمة مع الأخوين، وتجعل ثلاث مسائل، على أحوال الجد الثلاثة؛ حتى نتبين الأحظ له، ويُعطاه.
في هذا الباب مسائل أخرى، كالأكدرية والمعادَّة والزيديات، تراجع في مظانها، وهذا الباب كله، لا يوجد على تفاصيله دليل واحد، غير اجتهاد زيد رضي الله عنه، ومن وافقه، وفيما ذكر الكفاية لإعطاء التصور للمسألة.
والعمل على مذهب الحنفية، واختيار شيخ الإسلام وابن القيم رحمهم الله جميعا، وهو الأقوى دليلا.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 15/4/1445هـ