الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
البدعة كلها ضلالة ،ولا حاجة أن نقيدها كلما ذكرت بالضلالة، لأنه متى قيل: بدعة فوصفها بالضلال ملازم لها، ولو لم يُذكر، كما لو قيل: بحر، فلا حاجة لوصفه بالجاري؛ لأنة لا يوجد بحر غير جارٍِ، فكذا البدعة في الشرع كلها ضلال، فلا حاجة لوصفها بذلك عند ذكرها، لأن الضلال من صفاتها الملازمة، إلا ما كان من باب الصفة الكاشفة، فيسوغ، كما لو قيل: دين الله الحق، فالحق هنا صفة كاشفة لدين الله تعالى، فدين الله تعال حق بكل حال، ذكرت الصفة أم لا.
كما لا يتأتي وصف البدعة بالحسن -كما يزعم البعض- بعد أن وصف النبي صلى الله عليه وسلم كل بدعة بأنها ضلالة، فمتى قيل بدعة، فهي ضلالة، ووصفها بالحسن مضادة صريحة ومعاندة وشقاق لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويستثنى من ذلك ما كان من حيث اللغة فيجوز؛ إذ البدعة في اللغة تطلق على كل شئ مستحدث، كما في قوله تعالى: ( بديع السماوات والأرض ) أي محدثهما، فلغةً يسوغ أن تقول:بدعة حسنة، كالطائرة والسيارة والكمبيوتر، وبدعة غير حسنة.
وعلى هذا يحمل قول عمر رضي الله عنه في التراويح "نعمت البدعة هذه"، أي من حيث اللغة، فأطلق على تلك العبادة بدعة، باعتبار الدلالة اللغوية فقط، أما في الشرع، فلا يمكن لعمر رضي الله عنه، وقد عُلم من هو في محاربة البدع، والتشنيع على أهلها أن يقول لبدعة شرعية: "نعمت البدعة هذه!!" ثم التراويح ليست بدعة من حيث الشرع؛ لأن الذي أوجدها هو النبي صلى الله عليه وسلم، فهي تشريع، ولم يحدثها عمر رضي الله عنه أو غيره، إنما أقروها بعد انقطاع الوحي بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاز أن يطلق عليها بدعة من حيث اللغة، لا أكثر.
أما في الشرع فلا يجوز وصف البدعة بالحسن البتة، مادام النبي صلى الله عليه وسلم جعل الضلال وصفًا لازما لها،
والله الموفق.
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 28/3/1433هـ