هناك من العلماء من يقول الطلب من الميت عند قبره أن يدعو الله له
ليس شركا لأنه ـ متوهم أن الميت يسمعه ـ طلب من الميت أن يدعو الله تعالى ،
ولم يطلب الميت نفسه كشف الضر أو جلب النفع
طيب لو افترضنا أن شخص سأل الميت سؤالا بناء على ما سبق عند قبره وهو يجزم أن الميت لا يسمعه ومع ذلك طلب منه أن يشفع له عند الله فهل يقع في الشرك ؟
الحمد لله رب العالمين
لا يجوز الوقوف بين يدي القبر وسؤال صاحبه أي شئ، ولو كان قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا من الأمور الشركية التي لا تجوز بحال من الأحوال، ولا يجوز التوسع فيها، وسؤال صاحب القبر يتفاوت، فمن السؤال ما يكون شركا أكبر مخرجا من الملة، كأن يسأله دفع الضر أو كشفه، أو جلب الخير، ومنه ما لا يكون كذلك، لكن مع ذلك لا يجوز فعله، كأن يسأله أن يشفع له لحُسنِ ظنِّه بصاحب القبر، ؛ لأننا لا نعلم هل هذا الرجل ممن يشفعهم الله فيه يوم القيامة أم لا؟
وهذا العمل أيضا قد يصل إلى درجة الشرك؛ لأنه اتخاذ واسطة من دون الله، وقد قال تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }الزمر3.
وعلى كل حال مسألة القبور من المسائل الخطيرة التي ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر منها، حتى وهو على فراش الموت، وقد قال قبل أن يموت بليال: (لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا).وقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تجعل قبري وثنا، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ولما ذكرت أم سلمة وأم حبيبة لرسول الله كنيسة رأتاها بالحبشة وما فيها من الحسن والتصاوير، قال: (أولئك قوم إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق يوم القيامة)، والنصوص في ذلك كثيرة جدا، ومن التعليل فإن تعظيم القبور والوقوف بين يديها ذريعة لعبادة صاحب هذا القبر، فإن الشيطان يتدرج بالإنسان شيئا فشيئا، فيبدأ بمثل هذا السؤال، ثم ما زال يتوسع حتى يقع فيما هو أعظم، لذا نوصيك أخي في الله أن تبعد عن هذه المواضع، ولا تغتر بهذا الكلام، وأنه ليس من الشرك، وأقبل على الله بنفسك، واسأله من فضله، وفضل الله واسع، واسأله العفو والمغفرة بنفسك، وقدم من الأعمال ما يشفع لك بين يدي الله، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، كأن تكثر من الصلاة والذكر وقراءة القرآن، فهذه الأعمال تشفع لك، والله الموفق.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 23/4/1427هـ