النَّصيحةُ أمامَ الناسِ
ما حكم من ينصح أخاه المخطيءَ أمامَ الناسِ ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن الدِّين كلَّه يدورُ على النصيحة، فقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولرسوله،
ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم) أي: قوام الدين وعماده وأساسه النصيحة، كما
بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على النصح لكل مسلم، وجعل حق المسلم على
المسلم أن ينصحه إذا استنصحه، فالنصيحة أمرها عظيم في الإسلام، وهي كلمة جامعة لإرادة
الخير للمنصوح، يقصد بها إصلاح العيوب، وسد الخلل.
ولها
آداب جليلة، أوَّلها الإخلاص لله تعالى في كل نصح يقدمه المسلم، سواء كان للإمام أو
لعامة المسلمين، كما أن من أهم آدابها الستر
وعدم الفضيحة؛ قال الشافعي رحمه الله: " من وعظ أخاه سرًّا فقد نصحه وزانه
، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه"، وقيل لأحدهم: " أتحب من يخبرك بعيوبك؟
فقال: "إن نصحني فيما بيني وبينه فنعم، وإن قرعني بين الملأ فلا "، قال الفضيل بن عياض رحمه الله:" المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير"،
وعقب الحفظ ابن رجب على هذا بقوله: "النصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن به
الإعلان"، فعلى من يريد أن ينصح أخاه أن يستر في نصيحته، لأن المقصود من
النصيحة، إقلاع الشخص عن الخطأ، وليس إشاعة عيوبه أمام الآخرين ، وأحسن منه
التلميح دون التصريح إن كان أرجى في القبول، فضلا عن النصح على الملأ .
ويستثنى من ذلك ما إذا أريد بالنصيحة بيان خطأ من أخطأ من العلماء وغيرهم،
فحينئذ يتعين النصح وبيان الخطأ علنا، مع إضمار النية الحسنة، والصدق والإخلاص في
النصيحة، واستعمال الأسلوب الحسن، وقد ردَّ العلماء على سعيد بن المسيِّب رحمه
الله إباحتَه المطلقة ثلاثاً بمجرد العقد، وعلى الحسن تركَ الإحداد على المتوفى عنها
زوجها، وعلى طاووس في مسائل متعددة شذَّ بها عن العلماء، وعلى غير هؤلاء ممن أجمع المسلمون
على هدايتهم ودرايتهم، ولم يَعُد أحدٌ هذا طَعنًا في هؤلاء الأئمة، ولا عيبًا لهم
.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 2/1/1433هـ