المواد / المقالات / الفرقُ بين مُلكِ العَينِ وملكِ المنفعةِ وحقِّ الانتفاعِ

الفرقُ بين مُلكِ العَينِ وملكِ المنفعةِ وحقِّ الانتفاعِ

تاريخ النشر : 23 جمادى أول 1446 هـ - الموافق م | المشاهدات : 10359
مشاركة هذه المادة ×
"الفرقُ بين مُلكِ العَينِ وملكِ المنفعةِ وحقِّ الانتفاعِ"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

الفرقُ بين مُلكِ العَينِ وملكِ المنفعةِ وحقِّ الانتفاعِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فإن البعض استشكل عليهم فهمُ الفرقِ بين مُلكِ العينِ ومُلك المنفعةِ، ولبيانِ الفَرق أكتبُ هذا المكتوبَ، ولتعميم الفائدة سأدخل حقَّ الانتفاع، فأقول وبالله التوفيق:

أولا: ملك العين، وهو الذي يحصل به سائر الحقوق الواردة عليها، من انتفاع بها، أو بيعها أو هبتها أو إهدائها أو إجارتها أو إعارتها، كمن يملك قلما، فهو يملك الانتفاع به بكتابة، ويملك بيعَه، وإهداءَه، وهبتَه، وإعارتَه، ومن  يملك سيارة، فهو يملك الانتفاع بركوبها، ويملك سائر الحقوق الأخرى، من بيع أو هبة أو هدية، أو إعارة أو تأجير، ونحوه، وهكذا، فأعمُّ صور التصرف في الأعيان، هو ملك العين، ويطلق عليه ملك الرقبة.

ثانيا: ملك المنفعة، وهو دون ملك العين، فهو ملك قاصر على المنفعة فقط، وطريق الوصول لهذا الملك متمثل في عقد الإجارة، على وجه الخصوص، فمن استأجر دارا، فقد ملك منفعة  السكنى؛ إذ وقع عقد الإجارة على المنفعة وليس على العين؛ لذا فله أن ينتفع بنفسه، أو يهب المنفعة لغيره، أو يبيعه إياها؛ لأنه مالك لها، فله أن يستوفي السُّكنى بنفسه، أو بغيره، بعِوَض أو بغير عِوَض، لكن هذا يجب أن يقيد بالعرف أو النظام المتبع، فإن كان صاحب البيت يرفض هذا الأصل، واشترط على المستأجر أن يستوفي المنفعة بنفسه، أو اشترط المالك أن يُستَأذن في ذلك، وتراضيا على هذا الشرط فلا بأس، لكنه خلاف الأصل، فالأصل أن المستأجر يملك المنفعة، فله أن ينتفع بها، أو يوكِّل غيره في استيفائها، مادام استيفاؤه للمنفعة على نفس الوجه.

واشتُرِطَ أن يكون على نفس الوجه؛ خشية أن يستوفي المنفعة شخص آخر على خلاف ما وقع عليه العقد، كمن استأجر بيتا للسكنى، فقد ملك المنفعة، فأعطى البيت لمن يفتح به ورشة، فنعم المستأجر مالك للمنفعة، لكنه وكَّل من يستوفيها على خلاف العقد، فهنا لا يجوز له.

 وكذا من استأجر سيارة، فقد ملك منفعة الركوب، فله أن يستوفيها بنفسه، أو بمن ينيبه في الاستيفاء، إلا إن وجد شرط ينصُّ على خلاف ذلك، فالواجب الالتزام به.

ثالثا: حق الانتفاع: وهو ما تمنحه الحكومات للأفراد أو يمنحه مالك خاص، كسرير في المستشفى، أو مقعد في مدرسة أو جامعة، أو مكان يبسط فيه ليبيع ويشتري، فهذه الأمور ينتفع بها الشخص الممنوحة له بنفسه، ولا يملكها، بل له حق أن ينتفع بها بنفسه، لا غيره، فهو غير مالك للعين، ولا للمنفعة، إنما فقط مستحقٌّ، لذلك لا يجوز لمريض في المستشفى أن يؤجر السرير الذي ينام عليه، وكذا الطالب في المدرسة، فهو مستحق لهذا الكرسي فحسب، فلا يملك أن يبيع مكانه في المدرسة، ولا ينيب غيره في استيفائه؛ ويدخل في ذلك مسائل كثير توسع الناس فيها، كبيع التأشيرات ونحوه، ويدخل فيه أيضا العرايا، فهي من حقوق الانتفاع.

بناء على ماتقدم فَالمراتب ثلاثة: فمَالِكُ العَيْن، يملك العين والانتفاع بها.

وأدنى منه مالك المنفعة، فهو يملك المنفعة دون العين، فيستوفيها بنفسه، أو بمن ينيبه، بعوض أو بغير عوض، هذا من حيث الأصل.

وحق الانتفاع أدنى منهما، فهو يقتصر على الممنوح له، لا يتعدَّاه، فلا يملك بيعَه أو هبتَه، بل يستوفيه بنفسه فقط.

تنبيه: هناك بعض العقود تتردد بين ملك المنفعة وحق الانتفاع، كالوقف، فلو أوقف البيت على فلان من الناس بعينه، فهذا ملك المنفعة، فله أن يستوفيها بنفسه أو بمن ينيبه.

أما لو أوقف على شخص بالوصف، كما لو أوقف البيت على طلاب العلم، فهذا حق انتفاع، فلِطالبِ العلمِ أن يتسوفي ويباشر تلك المنفعة بنفسه فحسب.

ولا يدخل في ذلك الهدية والعطية والوصية والصدقة ونحوه، فهذا تمليكٌ للعين، فيملك العَيْنَ، ويملك الانتفاعَ بها، وسواء بنفسه أم بغيره، كما يملك نقل الملك فيها أيضا بإهداء وصدقة وغيره.

  والله ولي التوفيق

كتبه: د.محمد بن موسى الدالي

في  4/3/1439هـ

 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف