المواد / فتاوى منوعة / حكمُ صَلاةِ النوافلِ أربعًا متَّصِلةً، بالليْلِ والنَّهارِ

حكمُ صَلاةِ النوافلِ أربعًا متَّصِلةً، بالليْلِ والنَّهارِ

تاريخ النشر : 11 رجب 1446 هـ - الموافق م | المشاهدات : 621
مشاركة هذه المادة ×
"حكمُ صَلاةِ النوافلِ أربعًا متَّصِلةً، بالليْلِ والنَّهارِ"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

حكمُ صَلاةِ النوافلِ أربعًا متَّصِلةً، بالليْلِ والنَّهارِ

هل تصلى ركعاتُ سنةِ الظهرِ القبليةِ أربعًا مُتَّصِلةً أم تُصَلَّى ركعتينِ ركعتينِ ، وماذا عن النَّوَافِلِ في الليلِ؟

الجواب :

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحْبهِ أجْمَعين، وبعد.

فقد ذَهَبَ جمهورُ أهلِ العلمِ إلى أن صَلاةَ النَّوافِلِ في الليْلِ تكُونُ مَثنى مَثنى، عَمَلا بحديثِ ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما المشهورِ في الصحيحين أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ( صلاةُ الليلِ والنَّهَارِ مَثْنى مَثْنى )، وأخرج أبو داود في السُّننِ من حديثِ عائشةَ رضي اللهُ عنها أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يصلي ما بين أن يفرُغَ من العِشَاءِ إلى الفجرِ إحدى عشرةَ ركعةً ، يسلِّم من كلِّ ركعتينِ. وصححه الحافظُ على شَرْطِ الشَّيْخَينِ.

مع تنازعٍ يسيرٍ بين أهلِ العلمِ في ذلك، فذَهَبَ أحمدُ إلى تَأكُّدِ هذا الأمْرِ، وفي المقابِلِ ذَهَبَ أبو حنيفةَ إلى أنه مباحٌ، وأن السُّنةَ أن تتَّصِلَ الصَّلاةُ في الليْلِ لأربعٍ أ و سِتٍّ أو ثمان ركعاتٍ، عَمَلا بحديثِ عائشةَ رضي اللهُ عنها لما سُئلتْ عن صلاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: " ما كان يزيدُ في رَمَضانَ ولا غيرِهِ على إِحْدى عشرةَ ركعةً ، يُصَلِّي أربعاً، فلا تسأل عن حُسنِهِنَّ وطُولِهِنَّ .. الحديث ".

والأرجحُ أن السُّنَّةَ في ذلك التسليمُ من كلِّ ركعتينِ، وأما حديثُ عائشةَ رضي اللهُ عنها فهو محمُولٌ على الأحاديثِ الأخرى التي قَيَّدتْ إطلاقَهُ بكونِ الصَّلاةِ مثْنى مثْنى.

أما النوافلُ في النهارِ، فالخلافُ فيها أقوى، فقد ذَهَبَ الحنفيَّةُ إلى أنَّها رباعيَّةٌ متصلةٌ، لحديثِ أبي أيوبٍ رضي الله عنه في السُّننِ أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: (أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ تُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ) ، غير أن هذا الحديث ضعيفٌ، ومدارُهُ على عبيدةَ بنِ معتبٍ، وهو ضعيفٌ بالاتفاقِ، وحسَّنه الألبانيُّ رحمه الله دون قوله: " ليس فيهن تسْليم ٌ".

والصحيحُ أن السُّنَّة في النَّوافِلِ في النَّهارِ أن تَكُونَ مثنى مثنى كما هو الحالُ في الليلِ، لما أخرجه أصْحَابُ السُّننِ بسندٍ صحيحٍ عن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صَلاةُ الليْلِ والنَّهارِ مَثْنى مَثْنى "، فزيادة (والنهار) صحيحة، صححها الشيخ الألباني.

كما أنَّ قوله صلى الله عليه وسلم: (صَلاةُ الليْلِ مَثْنَى مَثْنى) إنَّما خَصَّصَ الليلَ؛ لكَوْنِ غالبِ التنفُّلِ فيه، فلا مفهومَ له؛ لخروجِهِ مخرجَ الغالبِ فيعُمُّ صَلاةَ اللَّيلِ والنَّهارِ، أو أنَّه كان جَوَابًا لسؤالِ سائلٍ عن صَلاةِ اللَّيل؛ فلا يكونُ له مفهومٌ مُعتَبَر؛ حتى يقالَ: لا يدخلُ النَّهارُ فيهِ.

ومما يؤكِّدُ ذلك أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: (إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ) وَكَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فهذه النصوصُ وغيرُها فيها أنَّ دأْبَ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم في التَّطوُّعِ هو ذاك، ولو فعلَ غيرَه لبيَّنهُ ولو مَرَّةً.

كما أنَّه لا ينْبغِي أن يُضيَّقَ على مَنْ خَالفَ ذلك، وصلَّى أربعًا متَّصِلةً، سَواءٌ في الليلِ أم النهارِ، فهو محفُوظٌ عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما وغيره.

والله الموفق

كتبه: د.محمد بن موسى الدالي

في 23/4/1433هـ

 

مواد جديدة

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف