الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
من الأمور المستجدة في لبس الإحرام، ما يصنعه البعض في الإزار أو الرداء بخياطة جيب، أو إضافة ما يشبه الحزام ونحوه، وكذا لبس النعال المخيطة، وقد أشكل على كثير من الناس هذه الأمور باعتبار أنها مخيطة، وقد تقرر عند عوام المسلمين أن المخيط محرَّمٌ، ظنا منهم أن المخيط هو ما دخله الخياطة!!
والصحيح أن لفظ: "المخيط" ليس من الألفاظ الشرعية، فليس في نصوص الكتاب والسنة هذا اللفظ، بل هو لفظ استعمله بعض الفقهاء ودرج عليه الناس بعده.
كما أن الفقهاء لما ذكروا هذا اللفظ كان لهم فيه فقه خاص مأخوذ من نصوص الشريعة، فلم يريدوا بذلك ما دخله الخياطة بالإبرة ونحوه، إنما أرادوا: "ما فُصِّل بقدر الأعضاء"، كالسروال والقميص والطاقية والنقاب والقفازين، وقد أخذوا هذا المعنى من مجموع النصوص الواردة في هذا الباب، من نحو حديث ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما في الصحيحين أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « لاَ تَلْبَسُوا الْقُمُصَ وَلاَ الْعَمَائِمَ وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ وَلاَ الْبَرَانِسَ وَلاَ الْخِفَافَ، إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلاَ الْوَرْسُ ».
وعليه فيجوز للمحرم أن يلبس النعال المخيط، وله أن يلف نفسه بالإزار أو الرداء ونحوه مما دخله الخياطة إن احتاج إلى ذلك، لكن بشرط ألا يكون على هيئة اللباس المعتادة، فإن لبسه على هيئة اللباس المعتادة حرم، ولو كان خاليا من الخياطة تماما.
فمناط الحكم ليس وجود خياطة ونحوه، إنما المناط عدم لبس تلك الأشياء على الوجه المعهود في اللبس، فما لبس على الوجه المعهود حرُم، ولو كان خاليا من الخياطة، وما لم يلبس على الوجه المعهود جاز ولو كان فيه خياطة.
أما لبس النعال فيجوز بكل حال، سواء كان فيه خياطة أم لا، استصحابا للأصل، وهو الإباحة ولم يرد ما يمنعه -كما يظن العامة- وللنصِّ على جوازه في الحديث: "إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ"،
والله الموفق.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 22/10/1431هـ