الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن كثيرا من الناس الآن يحتالون على القرض الربوي، بحيلة خبيثة، فيعلن أو يشتهر بين الناس أن فلانا يمكنه أن يكفيك مؤونة شراء السلعة نقدا، فيشتريها هو، ويبيعها عليك بالتقسيط، بزيادة عن سعرها النقدي، وهذا الكلام ظاهره حسن جدا، فهو مجرد بائع، وقد أحل الله تعالى البيع!!هذا ما يقوله الناس عند مناقشتهم في المسألة، وحقيقة تلك الصورة أن هذا الشخص ليس تاجرا، ولا يحوز أي سلع، إنما هو عنده مال، فإن أراد شخص شراء ثلاجة مثلا، وليس عنده مال يكفيه، فبدلا من أن يقرضه الغنيُّ قرضًا حسنًا بغير فائدة، فإن هذا في معيارهم تعطيلٌ للمال، فيقول له: أنا أشتري لك الثلاجة، ثم أبيعها عليك بالتقسيط.
فهذا العمل حيلة على إقراضه بفائدة، ولا شك، إذ لو أراد التجارة فعلا لاشترى سلعا، ثم تاجر فيها، كما هو شأن التجار.
إلا أنه قد ذهب جماعة من أهل العلم إلى جواز ذلك بشروط ثلاثة:
الأول: أن يحوز هذا البائعُ تلك السلعةَ في مكانه، للنهي عن بيع السلع حتى يحوزها التجار.
الثاني: ألا يلزم هذا البائعُ طالبَ السلعةِ بالشراء، إنما يخيره، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما البيع عن تراض)، وشرط الرضا في البيع باتفاق أهل العلم.
الثالث: ألا يأخذ من طالبِ السلعة عربونًا؛ حتى يخرج عن بيع ما لا يملك.
ومع ذلك لم تطب نفسي بجوازه.
إلا أنه يستثنى من ذلك ما إذا كان تاجرا لبيع تلك السلع، ونفدت من عنده، فطلبها شخص، فوعده البائع بتوفيرها، وستكون بسعر كذا ونحوه، فأرجو ألا بأس؛ إذ الأصل أنه تاجر بالفعل، أما الأول، فهو يتاجر بماله بدون سلعة، فلا يملك سلعا أصلا.
والحل لمثل هؤلاء أن يقرؤوا واقع الناس، وحاجاتهم الفعلية، ثم يوفروا تلك السلع، ويبيعوها بالربح الذي يناسبهم، ولا يضر بالمشترين، فلا حرج في ذلك.
وهذا كله يرد على مسائل التمويل البنكية، فهي من جنس هذا العمل تماما، ففي كثير من الأحيان -إن لم يكن الأصل- البنك لا يملك سلعا، إنما ينتظر ما يطلبه العميل، ثم يوفره له بنفس الطريقة السابقة.
والله المستعان
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 20/4/1442هـ