الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن الله تعالى أمر بمسح الرأس في كتابه العزيز، في الوضوء، فقال: (وامسحوا برؤوسكم) وهذا النص مجمل، فذهب جمع من أهل العلم إلى تفسير هذا الإجمال، وقال: إن الباء للتبعيض، فيكفي مسح بعض الرأس، ويكون الماسح قد قام بالواجب! واستقر العمل على هذا لسنوات طوال، غير أن هذا القول يناقش من وجهين:
الأول: أن الباء لم تأتِ البتة في لغة العرب للتبعيض، ولم يسمع في كلامهم باء للتبعيض، على ما نص عليه الزجاج وغيره من أهل العربية.
الثاني: أنه على تقدير أنها للتبعيض، فإن السنة النبوية واضحة المعالم في هذا الأمر، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم مسح رأسَه بيديْهِ فأقبلَ بهما وأدبرَ بدأ بمقدَّمِ رأسِه ثم ذهب بهما إلى قفاهُ، ثم ردَّهما حتى رجع إلى المكانِ الذي بدأ منه) وهذا النص صريح مبين لمجمل القرآن.
وعليه، فالمجمل الذي في القرآن تبيِّنُه السنة بيانا تاما، وحينئذ ليس بنا حاجة للرجوع إلى اللغة، ما أمكن الرجوع والبيان بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى من لزم القول الأول الرجوع إلى هدي سيد الخلق محمد، صلى الله عليه وسلم، ويمسح رأسه في الوضوء كاملا، على الوجه الوارد في السنة، ولا يكتفي بمسح البعض؛ ولو قيل بوجوب ذلك، باعتبار أن السنة بينت وأوضحت مجمل القرآن، لم يكن بعيدا.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 26/1/1444هـ