المواد / المقالات / لا يجوز للمتجنس بجنسية دول الكفر قتال المسلمين، ويجوز قتال الكفار بضوابط.

لا يجوز للمتجنس بجنسية دول الكفر قتال المسلمين، ويجوز قتال الكفار بضوابط.

تاريخ النشر : 13 ذو القعدة 1445 هـ - الموافق م | المشاهدات : 3085
مشاركة هذه المادة ×
"لا يجوز للمتجنس بجنسية دول الكفر قتال المسلمين، ويجوز قتال الكفار بضوابط."

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

د. الدالي: لا يجوز للمتجنس بجنسية دول الكفر قتال المسلمين، ويجوز قتال الكفار بضوابط.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبيناا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فإنه في سياق الحديث على التجنس بجنسية دولة غير مسلمة، معلوم أن التجنس له حقوق والتزامات، وأهم ما يذكر في هذا الصدد ما إذا تحتَّمت الخدمة العسكرية على المسلمين القائمين ببلاد الكفار، بموجب جنسية تلك البلاد التي يحملونها، وذلك أن الجنسية من حقوقها والتزاماتها الدفاعُ عن كيان الدَّوْلة التي تجنَّس بجنسيتها، فيُلزم بمقتضاها بالخدمة العسكرية.

وقبل الحديث عن حكم الإلزام بالخدمة في هذه البلاد، أتعرَّض لمسألة الخدمة العسكرية فيها على وجه الاختيار، كأن يدخل المواطن المسلم في الدَّوْلة الكافرة الجيشَ أو التجنيدَ، سواء كان في وظيفة عسكرية أو وظيفة إدارية، باعتبار كون هذا العمل طريقا من طرق كسب الرزق، والذي يظهر لي أن هذا الأمر من جملة ما يبحث عند بحث عمل المسلم عند الكافر في دار الكفر، ومعلوم أن العمل في غير الجهات العسكرية أمرُهُ أخفُّ، وفيه تفصيل، فإن كان في دار الكفر فإنه يجوز عند الحاجة أو الضرورة بشروط، واختلفوا فيما إذا كان في دار الإسلام، مفرِّقين بين ما إذا أوجب ذلةً وهوانا، وبين ما لا يوجب ذلك، فإن أوجب ذلة وهوانا، كالخدمة ونحوه، فجمهور الفقهاء على عدم جواز ذلك، صيانةً للمسلم عن الإذلال والامتهان، وإن لم يستوجب ذلك، فيفرَّق بين ما إذا كان العمل في الذمة، فيجوز عند أكثر الفقهاء، وبين ما إذا كان العمل لمدة معينة، وهذا وقع فيه خلاف بين أهل العلم.انظر: بدائع الصنائع 4 / 189، وجواهر الإكليل 2 / 188، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 19، وتحفة المحتاج 5 / 417، وحاشية الجمل 3 / 456، مغني المحتاج 2 / 265، والمغني 5 / 554، والإنصاف 6 / 25، والفروع 4 / 433، وتفسير القرطبي 9/215، وفتح الباري لابن حجر 4 / 452، والتدابير الواقية من التشبه بالكفار (447).

ويختلف الحكم فيما إذا إذا كان العمل في جهة عسكرية؛ لأن هذا من الأمور العظيمة، والتي يحصل بها نفع مباشر للكفار، وربما عاد هذا النفع بالضرر على المسلمين، ولذلك فإن دخول الخدمة العسكرية على وجه الاختيار لا يجوز للآتي:

أولا: أن هذا نوع ولايةٍ للكفار، والمسلم منهي عن موالاة الكفار، قال تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة-51، وقال تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء [الممتحنة-1.

ثانيا: أن هذا الأمر فيه تكثير لسواد الكفار، وتقوية لشكوتهم، والمسلم مطالب بأن يفعل ما يغيظ الكفار، ويفرح بهذا، وليس بالعكس، بأن يكون في صف الكفار، يدافع عنهم!.

ثالثا: ما في هذا الأمر من ذلٍّ وهوانٍ للمسلم تحت الكافر، ومعلوم ما في الخدمة العسكرية من التزامات للقادة والمسؤولين، مخالفةٍ لغيرها من دوائر العمل، ففي الجيش سمة الموظف أن يسمع ويطيع، ولا يبدي رأيا، ويقبل الإهانة والذل، ولابد أن يرضى بها، وأي رفعة وسلطان للكافر على المسلم أعظم من هذه الرفعة، وقد قال تعالى: ] وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [ النساء-141.

وقد تقدم في حكاية الخلاف أن جمهور الفقهاء على تحريم العمل عند الكافر فيما فيه ذلة وهوان، وهذا من أظهر ما يكون في الخدمة العسكرية.

أضف إلى هذا ما قد يؤمر به من عدم إقامة لشرع الله، من صلاة وربما صوم وحج وعمرة، كما قد يؤمر بلبس شعار من شعاراتهم، كالصليب، أو النجمة السداسية مثلا.

ففي هذا الفعل الاختياري تعريض المسلم نفسَه للذل، ولا يجوز للمسلم أن يعرض نفسه للذل، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ) قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: (يَتَعَرَّضُ مِنْ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ). أخرجه أحمد (22347)، والترمذي (2180)، وابن ماجه (4006)، قال الترمذي: حديث حسن غريب، والحديث صححه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 275، والألباني في السلسلة الصحيحة 2 / 170، وانظر: حق اللجوء السياسي في الفقه الإسلامي والقانون الدولي (61).

الخدمة الإجبارية:

التجنيد الإجباري هو طريقة اختيار الرجال، وفي بعض الأحيان النساء، للخدمة العسكرية الإلزامية، ويسمى أيضًا التجنيد الإلزامي، أو الخدمة الوطنية، وعادة يتم التجنيد الإجباري بمجرد انتهاء الدراسة، فيخدم المجندون لمدة تتراوح بين عام إلى ثلاثة أعوام، وقد استخدمت كثير من الدُّوَل التجنيد الإجباري في وقت الحرب، ولكنَّ عددًا قليلاً من الدُّوَل استخدمته أثناء فترات السلم، حتى استغنت عنه بعض الدُّوَل.

ومعلوم أن من أبرز آثار حمل جنسية أي دولة نشوء حقوق والتزامات بالنسبة لكل من الفرد والدولة التي يتجنس بجنسيتها، قال الدكتور عز الدين عبد الله: "يترتب على التجنس أن يكسب الأجنبي صفة الوطنية، فيصبح له وعليه ما لسائر مواطني الدَّوْلة وعليهم، دون تفرقة بينه وبين الوطني بميلاده". القانون الدولي الخاص (190)، وانظر: الأحكام السياسية للأقليات (112)، وفقه الأقليات المسلمة (620).

 فيترتب على انتماء الفرد لجنسية الدَّوْلة التزامه بالدفاع عن كيان الدولة، وأهم صور هذا الالتزام التكليف الخاص بأداء الخدمة العسكرية.الوسيط في الجنسية ومركز الأجانب (18).

وقد تقرر في مباحث أخرى أن التجنس بجنسية الدَّوْلة الكافرة لا يجوز إلا في أحوال معينة، ويتأكد التحريم فيما إذا تجنس رغبةً في الكفر، وتفضيلاً لأحكامه، واعتزازاً وافتخاراً بتلك الجنسية، فإن هذا هو أسوأ الأحوال، أو تجنس لتحصيل مصالح دنيوية ليست ضرورية، بل غايتها أن تكون من التحسينيات.

وبناء عليه فإنه في الحال التي يحرم فيها التجنس بجنسية تلك الدول، فإنه لا يجوز الالتحاق بالخدمة العسكرية بحال من الأحوال، إذ لا ضرورة في ذلك، ويمكن التخلص من هذ العمل بالعودة إلى ديار الإسلام، سيما وقد تقرر أن الإقامة في ديار الكفر لا تجوز إلا في أحوال معينة، وقد قام من أدلة السنة الكثير مما يدل على ذلك.

أما في الأحوال المستثناة في جواز التجنس بجنسية الدَّوْلة الكافرة، كالأقليات المسلمة التي هي من سكان تلك البلاد الكافرة أصلاً؛ أو سكان البلاد الإسلاميّة التي احتلها المستعمر وصار المسلمون فيها أقلية، كما كان الحال في الاتحاد السوفييتي سابقاً ويوغسلافيا، ومسلمي فلسطين، أو من اضطر إلى التجنس بسبب اضطهاده في بلده الأصلي، أو للتضييق عليه في نفسه أو عرضه أو قوته، أو كان لا يحمل جنسية أصلاً ومنع من الإقامة إلا بالتجنس؛ إن لم يمكنهم دفع ضرورتهم الواقعة المعتبرة؛ فلهم التجنس إجراء لقاعدة الشرع في حال الاضطرار.

فهؤلاء لا تخلو الخدمة العسكرية فيما إذا تحتمت عليهم من حالين:

الأولى: أن تكون في حال سلم.

الثانية: أن تكون في حال حرب.

ففي حال السلم، إذا وجد المسلم وسيلة لعدم الدخول في الخدمة العسكرية فعليه الأخذ بها، وإلا بأن كانت الأنظمة توجب وتشدِّد على الدخول في الخدمة العسكرية، وفي حال التخلف عنها تُعاقِب بالسجن ونحوه، فإن هذا نوع إكراه يبيح له الدخول فيها دفعا للضرر عن نفسه، فدخوله الخدمة العسكرية وإن كان مفسدة عظيمة، إلا أن دخوله السجن مفسدة أعظم، فيباح له الالتحاق بعسكر تلك الدولة، والواجب عليه والحال كذلك أن ينوي بذلك التدرب على فنون القتال، والاستعداد الدائم للجهاد، والتمرُّن والتمرُّس على فنون ومهارات القتال، وهذا في حال السلم واضح.

أما في حال الحرب، فلا يخلو أيضا من حالين:

الأولى: أن تكون الحرب مع دولة مسلمة.

الثانية: أن تكون الحرب مع دولة كافرة.

ففي حال ما إذا كان القتال مع دولة مسلمة، فإنه يحرم عليه القتال مع الكفار ضد المسلمين، مهما كانت الظروف، فإن مقاتلة المسلمين مع الكفار تعتبر من أعظم الخيانات، وقد تقدم أن عامة الفقهاء على أنه لا يجوز للمسلم أن يقاتل المسلمين مع الكفار، لقوله صلى الله عليه وسلم-: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، قال النووي: "من حمل السلاح على المسلمين بغير حق ولا تأويل ولم يستحله فهو عاصٍ، ولا يكفر بذلك، فإن استحله كفر". شرح النووي على مسلم 2 / 108.

وقال محمد بن الحسن رحمه الله: "وإن قالوا ?أي: الكفار- لهم ?أي: للأسرى المسلمين- قاتلوا معنا المسلمين وإلا قتلناكم، لم يسعهم القتال مع المسلمين، فإن هددوهم يقفوا معهم في صفهم ولا يقاتلوا المسلمين رجوت أن يكونوا في سعة". شرح السير الكبير 4/1517.

 قال السرخسي معلقاً: "لأن ذلك -أي القتال- حرام على المسلمين بعينه، فلا يجوز الإقدام عليه بسبب التهديد بالقتل، كما لو قال له: "اقتل هذا المسلم وإلا قتلناك". شرح السير الكبير 4/1517.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا كان المكره على القتال في الفتنة ليس له أن يقاتل بل عليه إفساد سلاحه، وأن يصبر حتى يقتل مظلوماً، فكيف بالمكره على قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع الإسلام كمانعي الزكاة والمرتدين ونحوهم، فلا ريب أن هذا يجب عليه إذا أكره على الحضور ألا يقاتل، وإن قتله المسلمون، كما لو أكرهه الكفار على حضور صفهم ليقاتل المسلمين، وكما لو أكره رجل رجلاً على قتل مسلم معصوم، فإنه لا يجوز له قتله باتفاق المسلمين، وإن أكرهه بالقتل، فإنه ليس حفظ نفسه بقتل ذلك المعصوم أولى من العكس". مجموع الفتاوى 28 / 539.

فإذا أكره المسلم على الخروج لحرب المسلمين فإنه لا يجوز له الخروج، ولا يجوز بحال أن يستعمل سلاحه ضدهم، ولو أفضى لقتله؛ إذ لا يجوز له استبقاء نفسه بقتل غيره.

أما في حال ما إذا كان القتال مع دولة كافرة، فإن المتقرر تحريم ذلك، كما بسط في مواضع أخرى، وأن الجمهور على تحريم مقاتلة الكفار مع الكفار إلا للضرورة.انظر: شرح كتاب السير الكبير4/1515، والمبسوط10/97،98، والمدونة الكبرى 1/518، وكشاف القناع 3/ 63، والأحكام السياسية للأقليات المسلمة (117).

جاء في السير الكبير: " لا ينبغي للمسلمين أن يقاتلوا أهل الشرك مع أهل الشرك؛ لأن الفئتين حزب الشيطان وحزب الشيطان هم الخاسرون، فلا ينبغي للمسلم أن ينضم إلى إحدى الفئتين فيكثر سوادهم ويقاتل دفعاً عنهم، وهذا لأن حكم الشرك هو الظاهر، والمسلم إنما يقاتل لنصرة أهل الحق لا لإظهار حكم الشرك". شرح السير الكبير 4/1515.

وجاء في المدونة الكبرى: " أرأيت لو أن قوماً من المسلمين في بلاد الشرك أو تجاراً استعان بهم صاحب تلك البلاد على قوم من المشركين ناوأوه من أهل مملكته، أو من غير أهل مملكته، أترى أن يقاتلوا معه أم لا؟ فأجاب سحنون: " سمعت مالكاً يقول في الأسارى يكونون في بلاد المشركين، فيستعين بهم الملك على أن يقاتلوا معه عدوه، ويجاء بهم إلى بلد المسلمين، قال: قال مالك: لا أرى أن يقاتلوا على هذا، ولا يحل لهم أن يسفكوا دماءهم على مثل ذلك، قال مالك: "وإنما يقاتل الناس ليدخلوا في الإسلام من الشرك، فأما أن يقاتلوا الكفار ليدخلوهم من الكفر إلى الكفر ويسفكوا دماءهم في ذلك، فهذا مما لا ينبغي للمسلم أن يسفك دمه عليه". المدونة الكبرى 1/518.

وجاء في كشاف القناع: "ويحرم أن يعينهم المسلم على عدوهم إلا خوفاً من شرِّهم ". كشاف القناع 3/63.

فإذا ترتب على ذلك قتال المسلم الكفار مع الدَّوْلة الكافرة مصلحة للمسلمين، فإن الأقرب جوازه بشروط ، وهي إجمالا:

  الأول: ألا يترتب أي ضرر أو محظور على القتال معهم.

  الثاني: ألا يكون في ذلك تقوية للكفار على المسلمين.

  الثالث: أن ينوي المسلمون بهذا القتال تحقيق المصلحة للمسلمين فقط، وإعلاء كلمة الله والقيام بغرض الجهاد، دون أن يقصدوا بذلك تقوية جانب الكفار، أو موالاتهم، أو إعلاء كلمة الكفر.

        كما ذكر الفقهاء بعض الحالات التي يجوز فيها للمسلم أن يقاتل مع الكفار ضد الكفار الآخرين للضرورة، وهي:

أولا: إذا كان المسلمون مجبرين على القتال مع الكفار ضد أعدائهم، بحيث إن لم يفعلوا ذلك لقتلوهم، كما لو كانوا أسرى عند الكفار، أو أجبرتهم الدَّوْلة التي يقيمون فيها على القتال ضد كفار آخرين، ففي هذه الحال يجوز لهم أن يقاتلوا لدفع الهلاك عن أنفسهم.

قال محمد بن الحسن: "وإن قالوا لهم-أي: للأسرى المسلمين-: قاتلوا معنا عدونا من المشركين وإلا قتلناكم، فلا بأس بأن يقاتلوا دفعاً لهم، وقتل أولئك المشركين لهم حلال، ولا بأس بالإقدام على ما هو حلال عند تحقيق الضرورة بسبب الإكراه، وربما يجب ذلك كما في تناول الميتة وشرب الخمر". شرح السير الكبير 4/1516-1517.

ثانيا: أن يدفعوا عن أنفسهم الأسر والضعف والهوان.

جاء في السير الكبير: " ولو قالوا للأسرى: قاتلوا معنا عدونا من أهل حرب آخرين على أن نخلي سبيلكم إذا انقضت حربنا، فلو وقع في قلوبهم أنهم صادقون فلا بأس بأن يقاتلوا معهم، ويعلل ذلك السرخسي ويقول: "لأنهم يدفعون بهذا الأسرَ من أولئك المشركين، فكما يسعهم الإقدام هناك فكذلك يسعهم ها هنا ". شرح السير الكبير 4/1516-1517.

ثالثا: في حال ما إذا كان المسلمون في بلاد الكفار، غير أنهم يحترمون ويقدرون، ويعطون سائر حقوقهم دون انتقاص لهم، وخاف قائد هذه البلاد من بطش دولة أخرى فاستعان بالمسلمين القائمين عنده، فقد أجاز بعض أهل العلم القتال معهم مستدلا بقصة المسلمين وقتالهم مع النجاشي، كما يرويها ابن كثير في البداية والنهاية: فعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: "فأقمنا عنده-أي: النجاشي- مع خير جار في خير دار، فلم يلبث أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فو الله ما علمنا حزناً قط هو أشد منه فرقاً من أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي الملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي، فخرج إليه سائراً فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم لبعض: من يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر لمن تكون؟ قال الزبير - وكان أحدثهم سناً -: أنا! فنفخوا لهم قربة فجعلوها في صدره، فجعل يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة، فهزم الله ذلك الملك وقتله وظهر النجاشي عليه، فجاءنا الزبير يليح لنا بردائه، ويقول: ألا فابشروا، فقد أظهر الله النجاشي، قلت: فوالله ما علمنا أننا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي، ثم أقمنا عنده حتى خرج منا من خرج وأقام من أقام.البداية والنهاية 3/ 123.

والله الموفق

كتبه: د.محمد بن موسى الدالي

في 7/7/1430هـ

***

 


 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف