د.الدالي: الراجح في زكاة الأسهم التفريق بين الأسهم التجارية والاستثمارية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فقد اتفق العلماء المعاصرون على وجوب الزكاة في الأسهم، إما في أصلها، أو في ريعها، واختلفوا في كيفية زكاتها، وأرجح الأقوال وأقربها إلى الصواب هو التمييز بين المساهمات التجارية (البيع والشراء فيها)، والمساهمات الاستثمارية، فالأولى حكمها حكم زكاة عروض التجارة، ويُميَّز في المساهمات الاستثمارية بين ما هو زراعي فيأخذ حكم زكاة الخارج من الأرض، وما هو حيواني فيأخذ حكم زكاة الحيوان، وهكذا.
وبناء عليه فمالك الأسهم لا يخلو من حالين:
الأول: أن يكون قصده في تملك الأسهم التجارة بها بيعاً وشراءً، وهي ما تسمى بالأسهم التجارية، فيشتريها اليوم لبيعها غداً أو بعد غدٍ، طلباً للربح في تداولها وتقليبها، فهذا النوع يأخذ حكم عروض التجارة، فتجب الزكاة عليه في قيمة تلك الأسهم بقطع النظر عن نوعها، سواء كانت زراعية، أم صناعية، أم تجارية، أم حيوانية .. إلخ، فيزكي أسهمه بحسب قيمتها السوقية كل سنة.
الثاني: أن يكون قصد مالك الأسهم الاستثمار بها، أي أن يستفيد من عائدها السنوي، وهي ما يسمى بالأسهم الاستثمارية، فهو لا يشتري هذه الأسهم بنية بيعها، وإنما بقصد الاستمرار في تملكها، فهذا يزكي أسهمه بحسب طبيعتها، فإن كانت أسهماً في شركة زراعية، ومجالها الاستثماري في زراعة الحبوب والثمار، فتخضع لأحكام الزكاة فيما تخرجه الأرض من الحبوب والثمار مما يكال ويدخر، وإن كانت في شركة حيوانية كتربية الأنعام على سبيل الإنتاج والتسمين، فتخضع لأحكام زكاة الحيوان، وإن كانت في شركة تجارية تختص بتداول السلع بيعاً وشراءً كشركات الاستيراد، فتخضع لأحكام زكاة عروض التجارة، وإن كانت في شركة صناعية، كشركات الإسمنت ونحوها، فتجب الزكاة في صافي أرباحها، قياساً على زكاة ما يُعدُّ للكِراء، وهذا القول المفصّل هو الذي تجتمع به أدلة الزكاة.
والله الموفق
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
14/4/1431هـ