المواد / فتاوى منوعة / حكم ربح المال المغصوب والمسروق ونحوه مما أخذ بغير حق

حكم ربح المال المغصوب والمسروق ونحوه مما أخذ بغير حق

تاريخ النشر : 29 ذو الحجة 1446 هـ - الموافق م | المشاهدات : 2306
مشاركة هذه المادة ×
" حكم ربح المال المغصوب والمسروق ونحوه مما أخذ بغير حق"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

د.الدالي: حكم ربح المال المغصوب والمسروق ونحوه مما أخذ بغير حق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد

فإن غصَبَ أحدٌ مالَ أحدٍ أو سرقه واتجر به ثم حصل له نماء ، ثم تاب الشخص من هذا العمل، فإن الواجب عليه فيما يتعلق بأصل المال ردُّه إلى مالكه ما استطاع، ويبذل في ذلك قصارى جهده، فإن لم يستطع تصدق به عن المالك، وهذا قول عامة الفقهاء، وهو المنقول عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومثله ما قبض بعقد محرم، كما لو قبض بعقد الربا أو العمل المحرم، كالرقص والغناء والزنا، وشهادة الزور، وبيع الخمر أو الدخان أو الخنزير أو بيع الصليب ونحوه، فالواجب التوبة، والتصدق بالمال، فإن احتاج شيئا من هذا المال، أخذ منه بقدر حاجته، وتصدق بالباقي، واختار بعض أهل العلم أن له أن يأخذ من هذا المال بعد التوبة النصوح مقدار ما يكون رأس مال لمشروع له، لكونه من جملة الفقراء المستحقين حينئذ، ولكون ذلك أدعى لتوبته، بشرط الصدق في التوبة، وعدم إضمار ذلك ابتداء.

 

أما النماء، فهل يكون للغاصب أم للمالك أم يكون بينهما كالمضاربة أو يتصدق به، أو يرده لمالكه، ويأخذ أجرة المثل، والبعض يفرق بين الغاصب الموسر والغاصب المعسر، وليس بشيء؟

فهذا مجموع ما في قيل في هذه المسألة، فمن قال للمالك فهذا باعتبار أنه نماء ملكه، فيكون تابعا له، وهو أولى الناس به.

ومن قال: إنه للغاصب، فقد قال ذلك باعتبار أن الغاصب يضمنه في حال التلف أو الضياع، فكذا يأخذ ربحه في حال الربح، جريا على قاعدة الشرع في كون الخراج بالضمان، وهذا ليس بسديد، فالخراج بالضمان لمن قبض الشيء بإذن الشرع، أما هذا فهو بغير إذن الشرع، بل بالتعدي على الشرع، فكيف يحفظ الشرع له حقه؟!.

ومن قال يكون بينهما كالمضاربة، من باب العدل، وحفظا لحقهما جميعا، واستدلالا بقصة لعمر بن الخطاب وابنيه مع أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم جميعا، فاستشير عمرُ رضي الله تعالى عنه في ذلك ، فأشار أن يجعله قِراضا ، يعني مضاربة. رواه مالك في الموطأ.

وهو محل نظر؛ فالغاصب لا حق له أصلا، فليس لعرق ظالم حق، وأما الأثر المنقول عن عمر وابنيه فليست قضية غصب أو سرقة، إنما أخذ مال من الولي بإذنه ، مع وجود شبهة في هذا الأخذ، فلا تشبه مسألتنا ، والتي هي عمد غصب أو سرقة ، ثم توبة، وشتان بين ابني عمر رضي الله  عنهم، وبين الغاصبين والسراق.

ونظير هذا القول من قال يأخذ أجرة المثل، وكأن الغاصب أجير في المال.

وهذان القولان  يجرِّئانِ الناسَ على غصب أموال بعضهم البعض ، ثم التوبة من ذلك، فكل شخص يمكنه أن يغصب مال أخيه، ويربح فيه، ثم يتوب، ويرد رأس المال، ويأخذ نصيبه من الربح، أو أجرة عمله في المال!!

وهما قولان مخالفان لمقاصد الشريعة الداعية لإبطال الظلم، ومنع العدوان والتعدي على أموال المسلمين، وسدِّ كل طريقٍ أو ذريعةٍ توصل إلى ذلك، فكيف يعان الظالم على ظلمه، والمتعدي على تعديه؟!

وأقرب وأرجح الأقوال هو التصدق به، وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وقول لبعض المالكية ورواية لأحمد، فينفق في وجوه الخير، فهذا فيه تخلصٌ حسنٌ ، سواء في حق المالك، الذي لا يستحق إلا رأس ماله ، أم في حق الغاصب التائب، والله الموفق.

كتبه : د.محمد بن موسى الدالي

في 19/12/1435هـ

 

 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف