توضيح المراد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أَوَّهْ أَوَّهْ! عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا؛ لَا تَفْعَلْ؛ وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِهِ )
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ بِلَالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ؛ لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: (أَوَّهْ أَوَّهْ! عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا؛ لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ).
وفي لفظ: "لا تفعل، بع الجَمْعَ - أي: التمر الأدنى درجةً- بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جَنيبا -وهو التمر الجيد-.
فهذا الحديث من الأحاديث التي أشكلت على البعض، وظن أن قوله صلى الله عليه وسلم: (بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا)، ظنوا أن هذا التوجيه بالبيع ثم الشراء، بهذه الطريقة أنها مقصودة للشارع، وأن الشارع يلزم المسلم بالشراء في تلك الحال بهذه الطريقة، وهذا ليس صحيحا، فالمقصود من النص عدم بيع الربوي بالربوي متفاضلا، فلا يبع صاعا بصاعين من تمر وغيره للرداءة والجودة، ولا جراما بجرامين من الذهب أو الفضة لاختلاف الصنعة مثلا، فمتى اشترك البَيْعانِ الربويَّانِ في الجنس، فإن التفاضل بينهما يحرم، لكن إن باع التمر القديم مثلا بثمن، فليس بالضرورة أن يشتري من نفس البائع التمرَ الجديدَ بثمن آخر، بل هو بالخيار أن يشتري أو لا يشتري، وسواء من نفس البائع أم من غيره، فهذا ليس مقصودا أصلا للشارع، إنما المقصود تحريم صورة المفاضلة بين البَيْعين الربويين، وأما ما يردده البعض بقوله: "ما الفرق بين كوني أبيع القديمَ، ثم آخذ الثمنَ، ثم أشتري الجديدَ وأدفع ثمن الآخر وزيادةً! فيمكنني مباشرة الاستبدال ودفع الفرق!! فهذا ما توهمه البعض من النص، واعتقد أن الشارع يحتم عليك الشراءَ في الحال، وبهذه الطريقة المذكورة تعيِينا!! وهذا ليس صحيحا، فالشارع فقط لا يريد أن تبيع الربوي بالربوي متفاضلا، ويمنع ذلك، ثم أنت بالخيار بعد ذلك في الشراء من عدمه.والله الموفق.
كتبه:د.محمد بن موسى الدالي
في:١٤٤٠/٧/٢٥هـ
خزانة الفتاوى / المعاملات / المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بع الجمع بالدراهم، واشتر بالدراهم جنيبا"
المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بع الجمع بالدراهم، واشتر بالدراهم جنيبا"
توضيح المراد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أَوَّهْ أَوَّهْ! عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا؛ لَا تَفْعَلْ؛ وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِهِ )
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " جَاءَ بِلَالٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ بِلَالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ؛ لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: (أَوَّهْ أَوَّهْ! عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا؛ لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ).
وفي لفظ: "لا تفعل، بع الجَمْعَ - أي: التمر الأدنى درجةً- بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جَنيبا -وهو التمر الجيد-.
فهذا الحديث من الأحاديث التي أشكلت على البعض، وظن أن قوله صلى الله عليه وسلم: (بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا)، ظنوا أن هذا التوجيه بالبيع ثم الشراء، بهذه الطريقة أنها مقصودة للشارع، وأن الشارع يلزم المسلم بالشراء في تلك الحال بهذه الطريقة، وهذا ليس صحيحا، فالمقصود من النص عدم بيع الربوي بالربوي متفاضلا، فلا يبع صاعا بصاعين من تمر وغيره للرداءة والجودة، ولا جراما بجرامين من الذهب أو الفضة لاختلاف الصنعة مثلا، فمتى اشترك البَيْعانِ الربويَّانِ في الجنس، فإن التفاضل بينهما يحرم، لكن إن باع التمر القديم مثلا بثمن، فليس بالضرورة أن يشتري من نفس البائع التمرَ الجديدَ بثمن آخر، بل هو بالخيار أن يشتري أو لا يشتري، وسواء من نفس البائع أم من غيره، فهذا ليس مقصودا أصلا للشارع، إنما المقصود تحريم صورة المفاضلة بين البَيْعين الربويين، وأما ما يردده البعض بقوله: "ما الفرق بين كوني أبيع القديمَ، ثم آخذ الثمنَ، ثم أشتري الجديدَ وأدفع ثمن الآخر وزيادةً! فيمكنني مباشرة الاستبدال ودفع الفرق!! فهذا ما توهمه البعض من النص، واعتقد أن الشارع يحتم عليك الشراءَ في الحال، وبهذه الطريقة المذكورة تعيِينا!! وهذا ليس صحيحا، فالشارع فقط لا يريد أن تبيع الربوي بالربوي متفاضلا، ويمنع ذلك، ثم أنت بالخيار بعد ذلك في الشراء من عدمه.والله الموفق.
كتبه:د.محمد بن موسى الدالي
في:١٤٤٠/٧/٢٥هـ
المادة السابقة
المادة التالية