الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
جاء النهي عن التشبيك بين الأصابع، لمن كان في طريقه إلى الصلاة أو منتظرا له، أو داخلها، فعن أَبي ثُمَامَةَ أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ أَدْرَكَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ، قَالَ : فَوَجَدَنِي وَأَنَا مُشَبِّكٌ بِيَدَيَّ فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ، فَإِنَّهُ فِي صَلاةٍ) صحيح الإسناد.
وعن كعب رضي الله عنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي رجلًا قد شبَّك أصابعه فِي الصَّلاة، ففرَّج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه. يعني فقام النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، وفرَّج بين أصابع من شبكها!! فكان دليلا على شدة النهي عنه.
ولأحمد بسند جيد أن مولى لأبِي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما أنا مع أبي سعيد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ دخلنا المسجد، فإذا رجل جالس وسط المسجد مُحْتبيا مُشبِّكا أصابعَه، بعضَها في بعض، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يَفْطن الرجل لإشارته، فالتفت إلى أبي سعيد، فقال: “إذا كان أحدكم في المسجد فلا يُشَبِّكنَّ، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال في صلاته ما كان في المسجد حتى يخرج منه".
أما إن انتهى من الصلاة، فلا بأس أن يشبك بين أصابعه، ففي الصحيحين في قصة سهو النبي صلى الله عليه وسلم أنه قَامَ عليه الصلاة والسلام إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّه غَضْبَانُ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ..) فهذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم في تلك القصة، ظنًّا منه أنه انتهى من الصلاة.
لذا جمع أهل العلم بين النهي الوارد، وبين فعله، أن النهي لِمَا قبلَ الصلاة، والجواز لمن انتهى من صلاته.
علما أن التشبيك في الجملة غير مذموم في المسجد، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا، وشبَّك بين أصابعه، فدل على الجواز مطلقا، وبقي النهي عما كان في الصلاة أو منتظرا لها، أو في طريقه إليها.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 3/3/1441هـ