خزانة الفتاوى / المعاملات / هل تغيُّر النسبة في فوائد البنوك الشهرية تجعلها حلالا؟

هل تغيُّر النسبة في فوائد البنوك الشهرية تجعلها حلالا؟

تاريخ النشر : 15 جمادى أول 1442 هـ - الموافق 30 ديسمبر 2020 م | المشاهدات : 1466
مشاركة هذه المادة ×
"هل تغيُّر النسبة في فوائد البنوك الشهرية تجعلها حلالا؟"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن تغير نسبة الفوائد البنكية أو ثباتها لا أثر لها في حِلِّ أو حرمة هذه المعاملة،  فهذا كلام بلا دليل من كتاب، ولا سنة، ولا معقول صحيح، من كلام الفقهاء، فمتى أراد البنك إجراء شركة أو مضاربة مع العميل، فإن الواجبَ -حتى تحل تلك المعاملة- قيامُها على العدل، وهو الاشتراك بين البنك والعميل في الربح والخسارة، هذا هو الشرط الأساس في تلك المعاملة، ولم يشترط أحد من الفقهاء تغيرَ نسبةِ الربحِ بينهما، فهذا لا أصل له، بل إن الأئمة الأربعة اشترطوا -حتى تحل المضاربة أو الشركة- تحديدَ نسبةٍ مشاعَةٍ ثابتة واضحة بين المتعاملين، قطعا للنزاع، وللحيلولة دون الوقوع في الشقاق بينهما عند القسمة.
كأن يقال: لك عُشر أو ربع أو نصف النماء أو الربح، أو لك 13% منه، ونحوه، فهذا التحديدُ الثابتُ عند الأربعة شرطٌ لصحة المعاملة.
وهو خلاف ما فهمه الناس في الآونة الأخيرة، من أنه يجب أن تكون النسبة متغيرة، فإن تغيرت النسبة من شهر لآخر كانت الفائدة حلالا!! فهذا كلام لا دليل عليه، وهو خلاف ما عليه العلماء، كما تقدم.
ولعل الذين قالوا يشترط ألا تكون الفائدة ثابتة، بل يجب أن تكون متغيرة، لعلهم فهموا -خطًأ- معنى كون الفائدة مشاعةً، أنها متغيرة، والصحيح أن المقصود بالمَشاع أن تكون النسبة المقدَّرة للمتضاربين منتشرةً في كل المال، مع ثباتها، وليس جزءا معينا منه، فلا يجوز أن يقول آخذ ربح تجارة القماش هذا الشهر، والشهر القادم آخذ ربح تجارة الحديد، مثلا، مع كون التجارة واحدة، أو آخذ 20% لهذا الشهر، ولا آخذ شيئا الشهر القادم، فهذا يعرض أحد الطرفين للربح مطلقا أو الخسارة مطلقا؛ لذلك نهى الشارع عن ذلك، كما في صحيح مسلم، فقد سئل رَافِعُ بنُ خَدِيجٍ عن كِرَاءِ الأرْضِ -إجارتها- بالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ؟ فَقالَ: لا بَأْسَ به، إنَّما كانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ علَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى المَاذِيَانَاتِ، وَأَقْبَالِ الجَدَاوِلِ، وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ، فَيَهْلِكُ هذا، وَيَسْلَمُ هذا، وَيَسْلَمُ هذا، وَيَهْلِكُ هذا، فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إلَّا هذا؛ فَلِذلكَ زُجِرَ عنْه، -أي: لما فيه من الجهالة والغرر، والتعرض للخسارة أو الربح فقط- قال: فأمَّا شيءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ، فلا بَأْسَ بهِ.
فمتى كان الربح بين المتضاربين محددا على وجه الشيوع، فلا بأس به، فيقال: لك 10% من الربح، ويتفقان على ذلك، وتكون تلك النسبة من كل المال، فلا بأس به، حتى ولو بقيت ثابتةً، كل مدة المعاملة، وإنما المتغير هو ما يعادل تلك العشرة بالمائة، فقد يكون ما يعادلها عشرة آلاف جنيها مثلا، أو تزيد أو تقل، بحسب الربح، فلو ربح مائة ألف جنيه، فالعُشر عشرة آلاف جنيه، ولو ربح مائتي ألف، فالعُشر عشرون ألفا، وهكذا.
فهذا هو المتغير، إنما النسبة نفسها ثابتة، وثباتها وتحديدها شرطٌ في صحة المضاربة عند ابتداء العقد، عند جمهور الفقهاء.
فلعل هذه المسألة الشائكة علميا هي ما فُهمت خطأً عند البعض، واعتقد أن الثبات والتغير له أثر في الحكم، وهو غير صحيح، كما سبق أعلاه. 
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 14/5/1442هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف