الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن هذه الاصطلاحات الستة، في باب التبرعات، والمقصود دفع المال للغير بغير عوض، فالكل يدور على بذل مالٍ بغير عوضٍ، وهي على النحو الآتي:
فالصدقة: بذل المال للغير بغير عوض؛ ابتغاء وجه الله تعالى.
والوقف: بذل المال للغير بغير عوض، ابتغاء وجه الله تعالى، بصورة مخصوصة، وهو تحبيس أصل ما، على جهة ما، بحيث تكون ثمرة ذلك الأصل مسبلة على تلك الجهة الموقوف عليها، دون امتلاك الأصل، ويثبت الوقف في الحال.
الوصية: بذل المال للغير بغير عوض؛ ابتغاء وجه الله تعالى، لكن لا تنفذ إلا بموت المُوصِي، ويحصل بها انتقال الملك في المُوصَى به للمُوصَى له، ويجوز الرجوع فيها من المُوصِي، لأن نفؤذها مؤخرٌ لما بعد موته، فإن رجع فيها في حياته صح.
الهدية: بذل المال للغير بغير عوض، للتودد والتقرب، وتكون من الأعلى للأدنى، والعكس.
الهبة: وهي الهدية تماما، لكن تفترق عنها أنها تكون غالبا من الأعلى للأدنى، ولا عكس، وفرَّق بعضهم بينهما بالنقل، فالهدية فيها حمل ونقل من موضع لآخر وتكلف، والهبة لا.
العطية: قد تطلق على ما سبق كله، أو هي الهبة أو الهدية الخاصة، بمرض الموت المخوف، وهو المرض الذي يغلب نسبة الموت إليه، كالسرطان والسِّل والقلب ونحوها، حتى ولو عاش مع المرض طويلا، وليس المرض الذي يموت به الشخص، كما لو مات من شدة المغص أو الصداع، فهذا ليس مرض الموت، مع أنه مات به!! تأمَّلْ.
* ويتصل بذلك من بعيد العارِيَة، وهي دفع المال لمن ينتفع به، ويرده بعينه، كمن استعار قلما أو كتابا ونحوه، فيرده بعينه، وهذا قدر من التبرع بالمنفعة.
* ويتصل به من بعيد أيضا القرض، وهو دفع المال لمن ينتفع به ويرد بدله، وهو معروف، وفيه قدر من التبرع أيضا.
فتفترق العارية والقرض بوجوب رد المال، بخلاف الستة، فلا رد للمال فيها.
وهناك ما يسمى بالرُّقبَى والعُمرَى، وهي من عقود التبرعات أيضا، تراجع في كتب الفقه.
وكل من حصل على المال بالوصية أو الهدية أو الهبة أو العطية أو الصدقة أو القرض فإنه يحل له التصرف فيه، بالبيع وغيره؛ لأن الملك يحصل بذلك.
أما الموقوف عليه والمستعير، فإنما يجوز لهما التصرف فيما أُذن لهم فيه، ولا يصح التصرف فيهما ببيع وهبة ونحوه، مما يخرج به الملك، لكونهما غير مالِكَين.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 25/5/1442هـ