الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، وسيد المرسلين نبينا محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
قال الإمام أبو حنيفة: "لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبُه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو يغضب ويرضى، ولا يقال: غضبه عقوبته، ورضاه ثوابه.
ونصفه كما وصف نفسه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، حي قادر سميع بصير عالم، يد الله فوق أيديهم، ليست كأيدي خلقه، ووجهه ليس كوجوه خلقه". [الفقه الأبسط 56]
وقال رحمه الله تعالى: "وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال…" [الفقه الأكبر 302].
وسئل رحمه الله عن نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا، فقال: "ينزل بلا كيف" الأسماء والصفات للبيهقي 456.
وقال في إثبات المكان لله تعالى: "من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض؟ فقد كفر، وكذا من قال: إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض؟".
وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده؟
قال: إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض.
الإمام مالك رحمه الله:
عن عبد الله بن نافع قال: قال مالك: "الله في السماء وعلمه في كل مكان" .[ رواه أبو دواد في مسائل الإمام أحمد ص 263] .
وعن يحيى بن الربيع قال: كنت عند مالك ابن أنس، ودخل عليه رجل فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق؟ فقال مالك: زنديق. شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج1 ص249، ترتيب المدارك للقاضي عياض ج2 ص44].
عن عبد الله بن نافع قال: كان مالك بن أنس يقول: من قال القرآن مخلوق، يوجع ضرباً، ويحبس حتى يتوب. [الانتقاء ص35]
الإمام الشافعي رحمه الله
أخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان المرادي قال: قال الشافعي: "من قال القرآن مخلوق فهو كافر".
وقال رحمه الله: "وأن له يدين بقوله عز وجل: [ بل يداه مبسوطتان ] أن له يمينا بقوله عز وجل: [ والسموات مطويات بيمينه ] وأن له وجها بقوله عز وجل : [ كل شيء هالك إلا وجهه ] وقوله : [ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ] وأن له قدما بقوله صلى الله عليه وسلم: ( حتى يضع الرب عز وجل فيها قدمه ) يعني جهنم لقوله صلى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله عز وجل ( أنه لقي الله عز وجل وهو يضحك إليه ) وأنه يهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك .. وأن له أصبعا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من قلب إلا هو بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل)". جزء الاعتقاد المنسوب للإمام الشافعي من رواية أبي طالب العشاري رحمهما الله.
الإمام أحمد رحمه الله تعالى
قال الإمام أحمد: "نحن نؤمن بأن الله على العرش، كيف شاء، وكما شاء، بلا حد، ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد؛ فصفات اللهِ منه وله، وهو كما وصف نفسه، لا تدركه الأبصار". [درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ج2 ص30].
وقال رحمه الله: من زعم أن اللهَ لا يُرى في الآخرة فهو كافر مكذب بالقرآن. [طبقات الحنابلة ج1 ص59، 145].
كل هذا قالوه قبل أن يولد أبو الحسن الأشعري، والماتريدي، وابن كُلاَّب،
وقبل محمد بن عبد الوهاب (الوهابية) فأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وكل أئمة السلف الصالح، يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، على الوجه اللائق به، وهم ليسوا وهَّابية، بل هم أهل السنة والجماعة حقيقة، وليس الفرقة الناشئة المبتدعة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثمائة سنة، والتي تستقي علومها من الفلاسفة والملاحدة والجهمية والمعتزلة، ثم تزعم أنها أهل السنة والجماعة!!! فالله المستعان
تلك بعض الكتب التي تحتوي على معتقد أئمة الإسلام في الصفات (قبل الوهابية بمئات السنين):
الفقه الأكبر لأبي حنيفة رحمه الله، و"الإبانة" لأبي الحسن الأشعري رحمه الله، و"شرح أصول أهل السنة والجماعة" ، اللالكائي، "الشريعة" للآجري، و"الإبانة"، لابن بطة الحنبلي ، و"العلو" ، و"العرش" ، و"الأربعين في صفات رب العالمين "، ثلاثتها للذهبي، و"الفتوى الحموية الكبرى"، لشيخ الإسلام ابن تيمية ، و"اجتماع الجيوش الإسلامية "، لابن القيم، العلو لابن قدامة، شرح الطحاوية لابن أبي العز] .
والله المستعان
نقله د. محمد بن موسى الدالي
في 25/1/1444هـ