الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن هذا من المفاهيم الخاطئة عند الناس، وهو أن الوجوب يستجد، فيجب يوم لرمضان، ويوم للقضاء!!
والصواب أن الواجب هو صوم يوم واحد، بالوجوب السابق، ولا يستجد وجوب آخر للقضاء، فيقضي المسلم يوما واحدا، وهو الواجب من رمضان، وليس ما أفطره من القضاء.
ثم على المسلم أن يعلم أنه لا يجوز قطع صوم القضاء، إلا لعذر واضح، فهو قائم عن وجوب رمضان، ومثله تماما، وليس كالنافلة، التي يجوز قطعها متى أراد الصائم ذلك، ولو بغير عذر، وهو الثابت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أفطر وهو صائم نفلا، لمجرد وجود الأكل، وهذا ليس عذرا.
أما القضاء، فلا يجوز قطعه إلا لعذر، ففي السنن: عن أم هانيء فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها، قالت: لمَّا كانَ يومُ فتحِ مَكَّةَ، جاءَت فاطمةُ، فجلَست عن يَسارِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وهي: أمُّ هانئٍ عن يمينِهِ، فجاءتِ الوليدةُ بإناءٍ فيهِ شرابٌ، فناولتْهُ فشربَ منْهُ، ثمَّ ناولَهُ أمَّ هانئٍ، فشرِبَت، فقالَت: يا رسولَ اللَّهِ، إني َكنتُ صائمةً، فقالَ لَها: أَكنتِ تَقضينَ شيئًا؟ قالت: لا، قالَ: فلا يضرُّكِ إن كانَ تطوُّعًا.
ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سألها: أكنت تقضين شيئا؟ ثم أتبعه بقوله: "فلا يضرك إن كان تطوعا"، يعني أنه يضرُّها لو كان قضاء، مما يدل على وجوبه، وأنها يلحقها الضرر لو أفطرت في القضاء.
فالواجب لمن شرع في صوم القضاء، ألا يقطعه، إلا من عذر، ولا يجوز قياسه على النافلة.
والله تعالى أعلم
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 20/8/1444هـ