خزانة الفتاوى / عقيدة / حكم تصوير الجنة والنار بالذكاء الاصطناعي

حكم تصوير الجنة والنار بالذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر : 4 ذو القعدة 1444 هـ - الموافق 24 مايو 2023 م | المشاهدات : 463
مشاركة هذه المادة ×
"حكم تصوير الجنة والنار بالذكاء الاصطناعي"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
 السؤال: ما حكم تصوير الجنة والنار بالذكاء الاصطناعي، وفق إعطاء معطيات عنهما، من القرآن أو السنة، ثم يقوم البرنامج بإخراج تصور مرئي عن صورة الجنة والنار؟
  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
 فإن كل ما يتعلق بعالم الغيب، لا يجوز تصوره ولا تخيله، بالعقل البشري القاصر، فأمر الآخرة والغيب، أعظم بكثير من أمر الدنيا، لذا جاء في الأثر الصحيح عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُما قال: "ليسَ في الجنَّةِ شيءٌ مِمَّا في الدُّنيا إلَّا الأسماءُ" يعني أن الحقائق تختلف اختلافا كليا، فالنهر ليس النهر الذي نعرفه، إلا من حيث الاسم، والشجر والفواكه والحور والقصور والشمس وحقيقة الرجل، وحقيقة المرأة، فكل هذا يختلف تماما، فلا يتشابه إلا في الأسماء، أما الحقائق، فبينها من التفاوت العظيم، الذي يخفى على كل البشر، وقد كما قال عز وجل: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) {السجدة: 17} فانتفاء العلم عن ذلك انتفاءٌ له من حيث الصورة، ومن حيث الحقيقة.فالجنة، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فإن كان الذي فيها لم تره العين، ولا خطر على القلب، فكيف نتصوره؟!!
كيف تجري أنهار الجنة من تحت قصور ساكنيها؟! وكيف شجرها الذي يتدلى لأهل الجنة، وما حقيقة الحور العين، ونهر الكوثر وسلسبيل وتسنيم وشجرة طوبى وسدرة المنتهى، وخمر الجنة ولبن الجنة وماء الجنة وثلج الجنة..إلخ؟ وليس عندنا من أمر الدنيا إلا الأسماء، لأن كل ما في الجنة، لم تره العين، وعليه، فكل ما يقوم به الصانع من تصويره، مخالفٌ لما في الجنة؛ لأنه مبني على المرئي في الدنيا، وقد نفى الله تعالى أن تكون العين البشرية رأت نعيم الجنة في الدنيا، فهو حتما تصوير خاطيء.
وكذلك نار الآخرة تفوق نار الدنيا، بتسعة وستين جزءا، نسأل الله السلامة والعافية، ثم هي نار من شدة استعارها مظلمة سوداء، وأهلها تارة سود الوجوه، وتارة زرق الوجوه، وقاعها من أعظم وأبعد ما يكون، وكيف ستكون العَمَدُ الممدة، وكيف تؤصد على أهل النار؟! ففيها أهوال لا تعرف نهائيا، ولا من حيث التصور الذهني، فكيف يتصور البرنامج هذه النار؟!
ثم أيضا القبر ونعيمه وعذابه، والصراط والقيامة، والنفخ في الصور والفزع والحساب، وتلقِّي الكتب، تارة باليمين، وتارة من وراء الظهر!! 
فكل هذا لا يتصور نهائيا حتى في الذهن، فضلا عن قيام البرنامج بتصويره بناء على جمعٍ من المعطيات.
فهذا العمل دخول فيما ليس للعقل البشري أو الصناعي فيه دخولٌ، أو تصوُّرٌ صحيحٌ، وهو تجاوزٌ وتعدٍّ على النصوص، وتجرئة من هؤلاء الحمقى على أهوال الآخرة، وإسقاط هيبتها من نفوس الناس، فنصوص الكتاب والسنة تأتي في هذا السياق لتحثَّ وترهِّب وترغب، وليبقى لليوم الآخر ما له من الهيبة والتعظيم، وإذا كان أهل العلم لم يتعرضوا لتفسير نصوص الوعيد، وهو مجرد شرح وبيان، فكيف بتصوير تلك المشاهد؟!
فلا شك في تحريم وتجريم هذا العمل، وأنه على المسلم ألا يبارك لهم تلك الأعمال بمشاهدتها، وتصديقها، والسعي في نشرها، إنما الواجب التحذير وإخماد مثل هذه الفتن، والله المستعان. 
سائلين الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، والفقه في الكتاب والسنة، والعمل بهما ظاهرا وباطنا. 
والله ولي التوفيق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 13/10/1444هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف