الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإنه في هذه الأيام أتتني أسئلة كثيرة جدا على التوكيل في إخراج زكاة الفطر لأهل غزة، وخشيةَ تأخُّرِ وصولها حتى يصلي الناسُ العيدَ، وربما بعد ذلك، والحل الأقرب عندي لهذا الأمر هو الآتي:
فإن أهل العلم ذكروا في توكيل الجهات المرسومة من جهة الدولة، كوزارات الأوقاف، والجمعيات الشرعية الموثوقة النائبة لهم، فهؤلاء نائبون عن ولي الأمر في الأخذ والإخراج، فهو نائب عن الغني (المزكِّي)، ونائب عن الفقير، فذكر أهل العلم أنه متى استلمت تلك الجهاتُ زكاة الفطر من الأغنياء، فهو بمثابة استلام الفقير لها تماما، وأن من سلَّمها لهم، فقد برئت ذمته من الزكاة، كما لو أعطاها للفقير نفسه.
ثم بعد ذلك إن قامت تلك الجهات بترتيب توزيع الصدقات على المحتاجين لها، وترتَّبَ على ذلك تأخُّر عن يوم العيد أو بعد العيد، فلا يضر هذا، ولو تأخر كثيرا، حسب ما تقتضيه مصلحة الفقراء والمساكين.
وقد استدلوا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذًا إلى اليمن .. فذكر الحديثَ، وفيه: (أعلمهم أنَّ الله قد افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤْخَذ من أغنيائهم، فتُرَدُّ في فُقرائهم)، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم جامع الزكاة المُرسَل من قبل ولي الأمر، جعله نائبا عن الغني في إيصال الزكاة لمستحقيها، ونائبا عن الفقير في الاستلام.
فحصلت النيابة من وجهين: ولي الأمر عن الفقير في الاستلام، والجمعية عن الغني في التوزيع.
فالأقرب: أن من أراد إرسال زكاة الفطر لأهل غزة، أن يعطيها لجهات مصدقة من الدولة، ويخبرهم أنه أراد بذلك أهل غزة، حتى تتمايز تلك الزكاة عن سائر أعمالهم.
تنبيه: أؤكد على أنه ليس هذا الحكم لمن وكَّل شخصًا عاديًّا، أو جمعية لا تنوب عن الدولة، أيًّا كانت، فهؤلاء لا ينبغي لهم أن يأخذونها، إلا إن وثقوا في إيصالها لمستحقيها قبل صلاة العيد، فإن علموا أو غلب على ظنهم تأخيرها عن صلاة العيد، فلا ينبغي لهم أخذها، حيث يخرجونها في غير وقتها، فيأثمون، وتبقى واجبةً في ذمة من أعطاهم إياها.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 29/9/1445هـ