خزانة الفتاوى / الزكاة / حكم الزكاة في بناء تحت الإنشاء

حكم الزكاة في بناء تحت الإنشاء

تاريخ النشر : 29 ذو الحجة 1446 هـ - الموافق م | المشاهدات : 2705
مشاركة هذه المادة ×
"حكم الزكاة في بناء تحت الإنشاء "

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

هل تجب الزكاة في بناء تحت الإنشاء، وقد قرر الملاك بيعه بعد اكتمال البناء، أي أربع سنوات تقريبا، فهل تجب الزكاة تلك المدة كاملة أم لا تجب؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.

فإن الأصل وجوب الزكاة فيما أعدَّه الشخص للتجارة، وهو محل اتفاق، كما اتفقت كلمة الفقهاء على وجوب تمحض النية فيما أُعد للتجارة، حتى تجب الزكاة فيها؛ وذلك أن الأصل فيه القنية، وما يقتنيه العبد لا تجب فيه الزكاة، فلا يخرج عن هذا الأصل إلى العَرَض إلا بالنية، ثم من بعد أن ينوي كونه عرضا يحتسب حولا كاملا، بشرط ألا تنقطع نية التجارة فيه، ثم تجب الزكاة على رأس الحول، سواء بِيع أم لم يُبع.

أما في الصورة المذكورة، والتي يُنوَى فيها بيعُ المبنى بعد أربع سنوات، فالذي يظهر لي أن هذا المنشأ لا تجب فيه الزكاة أثناء مدة إنشائه، حيث أن وصف "عَرَض التجارة" لم ينطبق عليه في تلك الحال، أعني حال كونها تحت الإنشاء، إذ من المعلوم أن أصحاب هذا البناء لا يبيعونه في تلك الحال، فهو على هذه الحال ليس عرض تجارة، ونية بيعه بعد أربع سنوات، لا تعني أنه عرض تجارة الآن.

ثم أين العرض الذي سيباع؟!! فالموجود الآن خامات البناء من حديد وأسمنت ورمل ونحوه، وهم لم يعدوا هذه الخامات للبيع، إنما لاستعمالها في البناء، وعليه فلا يوجد حقيقة عرض تجارة ليزكى.

ودعوى أن هناك نية بيع بعد أربع سنوات أو أكثر أو أقل، فقد تتغير، وتمحُّض النية شرط، كما أن الإنسان في ممتلكاته الشخصية قد ينوي بيعها بعد أربع سنوات، فهل تجب فيها زكاة عروض التجارة الآن؟!!!يعني من يمتلك سيارة، وقد نوى بيعها بعد سنتين مثلا لحاجته لمال في تلك الحال، هل بهذه النية يزكيها من الآن؟!!

هذا محال، لأن كل ما يملك الإنسان قد ترد عليه نية البيع في أي لحظة، وهذا لا يجعله عرض تجارة.

نعم يقال للسائلين: أحصوا ما لديكم من أموال نقدية، فمتى بلغت النصاب، وحال عليها الحول، ففيها الزكاة، لكن هذا شأن آخر غير العروض، هذه إنما وجبت فيها الزكاة باعتبار الأصل، وليس لكونها معدة لإكمال المشروع، بمعنى أنه تجب فيها الزكاة، سواء أعدت للمشروع المشروع أم لم تعد، وسواء أكملوه أم لا، ووجوب الزكاة فيها لأنها نقد يجري مجرى الذهب والفضة الَّذَيْنِ يجب فيهما الزكاة بكل حال.

فالأمر المهم في هذه المسألة أنه حقيقة لا يوجد عرض تجارة الآن حتى يزكى، وإذا أوجبنا عليهم الزكاة، فإنهم سيزكون "أسمنت" وحديدا ورملا لم ينووا بيعه أصلا، ولم تتمحض فيه نية التجارة، والأصل عصمة مال المسلم، وعدم الخوض أو التعدي عليه، أو إيجاب حق فيه، بغير دليل من كتاب أو سنة، ومن ألزمهم بالزكاة لزمه أن يزكي بيته إذا كان قد أضمر بيعه بعد عشر سنوات لتلك المدة كاملة!!!

فإن قيل: أليس الملاك من المحتمل أنهم إذا أتاهم أحد يشتري المشروع وهو تحت الإنشاء، من الممكن أن يبيعوه؟

فالجواب: هذا ?كما سبق- وارد على كل ما يمتلكه العبد، فالسيارة التي تركبها يحتمل أن تبيعها إذا جاءك سعر مناسب، فهل هذا يعني أنك تزكيها في كل وقت؟!!

والله ولي التوفيق

كتبه: د.محمد بن موسى الدالي

في 7/11/1432هـ

استدراك

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد.

فإنه بعد مراجعة ومناقشة أحد الفضلاء، وضح لي نقطة هامة، وهي أن كثيرا من المطورين العقاريين يتوجهون بمثل هذا السؤال، وهم عبارة عن تجار أراضٍ ومساكن، يعملون فيها على النحو الوارد في السؤال، ومن خلال هذا التوضيح من الأخ وفقه الله، أرى -والله تعالى أعلم- أن الناس في هذا الباب قسمان:

القسم الأول: هو من تكون تجارته في الأراضي والعقارات، الذين يشترون الأراضي، تارة يبيعونها في الحال، وتارة يرصدونها طلبا لارتفاع سعرها، وربما أجروا عليها هذه المشاريع العقارية، والتي يقصدون بها بيعها، ولو طالت مدة البناء، وفي بعض الأحيان يقومون ببيعها وهي "عظم" حسب تعبيرهم، فهذا الصنف من الناس تجب الزكاة في أراضيهم، وعقاراتهم، حيث إنها هي عرض التجارة الذي يعملون فيه، وتأخر بيعها، لا يخرجها عن أن تكون عرض تجارة، فهم أشبه بتاجر له بضاعتان: إحداهما بين يدي المشترين، والأخرى في المخازن، فهذا يزكي الجميع، مع أن بعض تلك البضائع ليس معروضة للبيع، لكنها مرصودة له.

فهذا الصنف -والله تعالى أعلم- تجب الزكاة في أموالهم، بما فيها ما أُعد للبناء، ولو طالت المدة، سواء باع أثناء الإنشاء، أم بعد الانتهاء.

القسم الثاني: وهو ما توجهتُ إليه أنا في الكتابة الأولى، وهم من يشترون أرضا ويقومون بإنشائها، لبيعها بعد تمام البناء، وليس هذا من عملهم، ولا تجارتهم، فهذا الصنف هو مقصودي بما كتبت أولا، وأن نية بيعها بعد اكتمالها، لا يوجب عليهم الزكاة أثناء إنشائها، لعدم تمحض النية، وتأخرها عن الحال، فهم أشبه برجل جعل يصنع بعض المصنوعات، وليس ممن يتاجرون فيها، لكن نيته بيعها بعد اكتمالها، فلا يزكي تلك المصنوعات إلا بعد أن تكتمل، وتكون عرض تجارة.

ويستثنى من ذلك ما إذا كانوا يبيعونها أثناء البناء، كبيع شقق ومحلات التمليك أثناء البناء، فهذا ينطبق عليه كونها عرض تجارة، ولو كانت تحت الإنشاء، فتجب الزكاة حينئذ.

كتبت هذا إبراء للذمة، وخروجا من العهدة

والله ولي التوفيق

د.محمد بن موسى الدالي

في 9/11/1432هـ

 

 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف