السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شخص في الأربعين من العمر تفضل الله علي بالتوبة وحججت بيت الله وأنا في سن الشباب
كنت قبلها في شبابي فاسق غدار سارق زاني مدمن مخدرات خاين للأمانة أخطف النساء أقطع الطريق وعملت أشياء فيها من الفسق والفجور ما لا يكفيه مجلدات ثم تبت إلي الله تبارك وتعالي
وبعد التوبة علمت أن من شروط التوبة رد المظالم إلي أهلها .
وأنا لي علي الناس مظالم وأموال لا تعد ولا تحصي فهل لا تقبل توبتي وأنا أعلم أن الله جل في علاه يغفر و لا يبالي في حقوقه ما دام العبد صادقا ولا ينوي الرجوع لما كان عليه
ولكن لما سمعت أن لابد أن ترد المظالم وكنت في سنة من السنين في الحج وذهبت لأحد مكاتب الفتوي في الحرم المكي وسألت الشيخ هل لي حج وأنا عليا أموال لأناس بعينهم مغتصبة منهم فأفتاني بعدم قبول حجك وبعدها رجعت إلي بعض المعاصي مرة أخري و تركت الصلاة حتي أني فعلت معاصي في الحج نفسه وفي الحرم ( ربي أغفرلي) ثم سمعت درس علم عن حلم الله ومغفرته وحديث رجل يسأل رسول الله صلي اله عليه وسلم هل الله يغفر لي فجراتي وغدراتي
فقال له يغفر فكرر الإعرابي السؤال علي رسولنا الكريم فقال له يغفر فكرر السؤال مرة أخري فقال له يغفر ثم قال الرسول صلي الله عليه وسلم قل ورائي ( اللهم إن مغفرتك أوسع من ذنبي ورحمتك أرجي لي عندي من عملي) وجعل الإعرابي يرددها ثلاث مرات ثم قال له قل اللهم إغفر لي فقالها الإعرابي فقال إذهب فقد غفر الله لك)
السؤال هل تقبل توبتي وكثير من الناس لها عليا حقوق في العرض والمال منهم من أعرفهم ومنهم من لا أعرفهم مع العلم إني لا أستطيع الذهاب إلي أحد و أقول له لقد سرقتك أو قد زنيت في محارمك أو خنت أمانتك وماذا أفعل؟؟؟
أفتوني فإن يوجد مثلي كثير ينتظرون الإجابة؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين
نسأل الله لك الهداية والتوفيق والثبات، وأن يتقبلك في التائبين، وهو القائل في محكم التنزيل: (قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) فنسأله سبحانه بمنِّه وكرمه أن يتقبلك وأن يغفر لك ويرحمك.
أما الحقوق فهي قسمان:
حقوق لله، وحقوق للعباد.
فما يتعلق بحق الله من تقصير في عبادات ونحوه فإن الله يغفره إذا صدق العبد في التوبة، وننصحك أن تُكثِر من الاستغفار والنوافل.
وأما ما يتعلق بحقوق البشر، فهي قسمان أيضا:
حقوق مالية، وحقوق معنوية.
فإن كانت حقوقا مالية فالواجب ردُّها، فإن كنت تعرف المالك وجب رد المال إليه بعينه، وإلا تَصدَّقْ عنه بما تظن أنك أديت حقه، وإن استطعت أن تستسمحه في تلك الحقوق دون إحداث مشاكل، فسمح فهو حسن، ويسقط عنك هذا الحق.
وإن كان يتعلق بحق معنوي، كغِيبة ونحوه، فالأفضل أن تذكره بخير في نفس المجالس التي ذكرتها فيها بسوء، وأن تدعو له وتستغفر له.
أما الحجة التي أديتها فما دمت أديت شعائر الحج، فالحج صحيح، لكنك تأثم إن كانت الحجة بأموال مغصوبة أو مسروقة ونحوه، وهذا لا شك ينقص من أجر الحج، فنسأل الله لك القبول.
وننصحك أخي الكريم بكثرة الاستغفار والإنابة إلى الله تعالى، فما زال العبد يستغفر ويكثر حتى تُمحى عنه كل السيئات، بل إن الله تعالى من واسع فضله يبدل السيئات حسنات، قال تعالى:( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورا رحيما).
وأَقبلْ أخي الحبيب على الله بقلب وجل خائف تائب منيب، واصدق في تلك التوبة، وإن راودتك نفسك للمعصية ووقعت فيها فلا تقنط من رحمة الله، وارجع وتب، ولو تكرر مرارا، فإن الله تواب رحيم، والله الموفق.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 12/2/1428هـ