السؤال:
هل تشترط النية لقصر الصلاة؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين، والأرجح منهما: أنه لا يشترط للقصر نية، ولذلك أدلة منها: أنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يصلي في الحج وغيره، ووراءه خلق كثير، ومنهم من هو حديثُ عهدٍ بالإسلام أو قليلُ علمٍ، وفيهم النساءُ أيضا، فقطعا كثير من هؤلاء لا يعلمون ما سيصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يكن يتكلف تنبيهَهم أنه سيقصر الصلاة، ولو كان شرطا لنبَّه صلى الله عليه وسلم عليه، ومثل هذا يقع كثيرا من الصحابة رضي الله عنهم أيضا وهم أئمة، ولم ينقل عنهم أنهم يأمرون أحدًا ممن خلفهم بنية القصر للصلاة في السفر، ومعلوم أنه لو كان هذا شرطا لصِحَّة الصلاة لما أغفلوه.
ولأن الأصل في صلاة السفر أنها ركعتان، فكما لا يلزم المقيم أن ينوي الصلاة أربع ركعات اكتفاء بالأصل، فكذا المسافر لا يشترط أن ينوي الصلاة ركعتين، اكتفاء بالأصل.
ولو أن مسافرًا دخل في الصلاة وهو ناسٍ أنه مسافر أو مستصحبا للأصل بالإتمام، ثم تذكر أو أراد القصر، فلا بأس إذن أن يقصر الصلاة، إذ الأصل في تلك الصلاة القصر.
ومن التعليل: فإن أجزاء الصلاة لا ترِدُ عليها النية، إنما ينوي المصلي الصلاة التي يريدها فحسب، فلا ينوي أثناءها القيام ثم ينوي الركوع ثم السجود! فلا ترد النية على أجزاء الصلاة، وكذلك لا ترد على ركعاتها، فالباب واحد، وإنما يصلي الصلاةَ التي أمره الله تعالى بها، بقيامها وركوعها وسجودها وعدد ركعاتها، سواء تامة أم مقصورة، بغير نية، اكتفاء بنيته عند الدخول في الصلاة، ونظيره عدد ركعات صلاة الاستسقاء وتكبيراتها الزوائد، وكذا تكبيرات صلاة العيدين، والركوع والقيام الزائدان في الكسوف، كذلك أجزاء الوضوء والصوم والحج وغيره، فإن المتقرر أنه لا تشترط النية لذلك كله، وكما لا يشترط نية لصفة الوضوء، وأنه مرةً مرة، أو مرتين مرتين، أو ثلاثا ثلاثا، فكذا في الصلاة.
وأشد من هذا القول: قول من اشترط على المسافر أن ينوي القصر أول السفر، ولو لم يصلِّ بعد!! فهذا من أبعد ما يكون عن السنة.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 13/4/1440هـ