هل يشترط اتصال الصلاتين المجموعتين؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
هذه المسألة تذكر في سياق شروط الجمع بين الصلاتين، وهو شرط الموالاة بين الصلاتين المجموعتين، وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن هذا شرط في جمع التقديم، بخلاف جمع التأخير، واستدلوا لذلك بأن هذا ما جاءت به السنة الصحيحة الجلية، وهو التوالي بين الصلاتين، ولأن الجمع يجعلهما كصلاة واحدة، فوجب أن يتصلا كركعات الصلاة، فإن فصل بينهما بفاصل كبير وجب تأخير الثانية لوقتها الأصلي، وأما الفاصل اليسير عندهم فلا يضر، ويصح معه الجمع، وهذا القول مال إليه شيخنا ابن عثيمين رحمه الله، مع أنه قوَّى رأي شيخ الإسلام الآتي.
وذهب جمع من أهل العلم إلى عدم اشتراط هذا الشرط، وأن العبرة بإيقاع الصلاتين في وقت إحداهما، خاصة في جمع التقديم، أما التأخير فالأمر فيه واسع؛ لأن الصلاة الأولى في امتداد وقتها، والثانية في وقتها، ورأى أصحاب هذا القول أن عدم اشتراط الموالاة بينهما هو الذي يتماشى مع الرخصة، وأنه ليس في الشرع ما يدل على هذا الشرط (أعني الموالاة)، مع كونه يضيِّق ما وسعه الله على العباد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ولا شك أن هذا القول من حيث النظر قوي جدا، إذ حقيقة الجمع هو إيقاع الصلاتين في وقت واحدة منهما، تخفيفا على المسلم، نعم لا شك أن ضمّهما يحقق الرخصة بشكل أقوى، غير أن مخالفة ذلك لا تفوِّت الرخصة أيضا، فلا يظهر مضرة على المسلم فيما لو فرق بينهما، ماداما في الوقت، والكلام عموما في جمع التقديم.
ولو احتاط المسلم والتزم بشرط الجمهور كان أولى وأبعد عن النزاع، إلا إن اضطر لذلك، كأن يصلي الأولى ووقتها باقٍ، ثم يعرض له ما يوجب الجمع، من مطر وخوف وسفر ونحوه، فلا بأس إذن بجمع الثانية إليها، ولو طال الفصل.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 14/4/1440هـ