لقد انتشر في هذا العصر عمليات التلقيح الصناعي، وما ترتب عليها من أُمور مثل تحديد جنس الجنين. أرجو إفادتي حول هذا الأمر؟ خاصة وأن البعض يعمل على تحديد جنس الجنين ذكر ذريعة لمنع الأقارب من الميراث! وجزاكم الله خيراً
الحمد لله رب العالمين
اختلف أهل العلم المعاصرون في مسألة تحديد جنس الجنين على قولين، إلا أن قرار المجمع الفقهي صدر بالآتي:
"فإن المجمع يؤكد على أن الأصلَ في المسلم التسليمُ بقضاءِ الله وقدره، والرضى بما يرزقه الله؛ من ولد ، ذكراً كان أو أنثى، ويحمد الله تعالى على ذلك، فالخيرة فيما يختاره الباري جل وعلا، ولقد جاء في القرآن الكريم ذمُ فعلِ أهلِ الجاهلية من عدم التسليم والرضى بالمولود إذا كان أنثى قال تعالى : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )، ولا بأس أن يرغب المرء في الولد ذكراً كان أو أنثى، بدليل أن القرآنَ الكريم أشار إلى دعاء بعض الأنبياء بأن يرزقهم الولدَ الذكرَ، وعلى ضوء ذلك قرر المجمع ما يلي:
أولاً: يجوز اختيارُ جنس الجنين بالطرق الطبعية؛ كالنظام الغذائي، والغسول الكيميائي، وتوقيت الجماع بتحري وقت الإباضة؛ لكونها أسباباً مباحة لا محذور فيها.
ثانياً: لا يجوز أيُ تدخل طبي لاختيار جنس الجنين، إلا في حال الضرورة العلاجية في الأمراض الوراثية، التي تصيب الذكورَ دون الإناث، أو بالعكس، فيجوز حينئذٍ التدخل، بالضوابط الشرعية المقررة، على أن يكون ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة، لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة من الأطباء العدول، تقدم تقريراً طبياً بالإجماع يؤكد أن حالة المريضة تستدعي أن يكون هناك تدخل طبي حتى لا يصاب الجنين بالمرض الوراثي ومن ثم يُعرض هذا التقريرُ على جهةِ الإفتاء المختصة لإصدار ما تراه في ذلك...إلى آخر القرار.
كما أن من أجاز هذا العمل جوَّزه في ظروف وضوابط شرعية، من أهمها:
أن يكون ذلك للحاجة كأن يكون الشخص قد أنجب مجموعة من أحد الجنسين دون الجنس الآخر أو بسبب مرض وراثي أما من غير حاجة فلا يجوز فمن فعل ذلك ابتداء من أول زواجه أو مع إنجابه لكلا الجنسين فلا يجوز.
فالذي يظهر لنا أن تحديد جنس الجنين بالذكورة من أجل المنع من الميراث عمل لا يجوز، ويحرم الإقدام عليه، فالإرث شرع الله، ورزق الله الذي يسوقه إلى من يشاء من عباده، والله الموفق.
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 2/1/1432هـ