المواد / فتاوى منوعة / ما المراد بكون العصمة في يد الزوجة؟

ما المراد بكون العصمة في يد الزوجة؟

تاريخ النشر : 28 ربيع آخر 1446 هـ - الموافق م | المشاهدات : 2302
مشاركة هذه المادة ×
"ما المراد بكون العصمة في يد الزوجة؟"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

ما المراد بكون العصمة في يد الزوجة؟

أستاذنا الكريم كثيرا ما نسمع عن قولهم العصمة بيد المرأة، فما المراد بهذه العبارة، وهل تملك المرأة أن تطلق الرجل؟

الحمد لله رب العالمين

لابد أن نعلم ابتداء أن حق الطلاق مقصور على الرَّجُل، وعلى ذلك قامت أدلة الكتاب والسنة، ففي القرآن كل خطاب جاء في الطلاق جاء للرجال، قال تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً.. الآية }البقرة237، وقال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ .. الآية }البقرة231، وقال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ .. الآية}البقرة232، وقال تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا .. الآية }البقرة230، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ .. الآية}الأحزاب49، وغير هذه النصوص كثير جدا، وليس هناك نصٌّ واحدٌ فيه أن المرأة تقوم بتطليق زوجها، وفي الصحيحين عن سالم أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا .. الحديث، وأخرج ابن ماجه والدارقطني وحسنه الألباني عن عصمة بن مالك قال: جاء مملوك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن مولاي زوجني وهو يريد أن يفرق بيني وبين امرأتي!! قال: فصعد النبي صلى الله عليه و سلم المنبر فقال: "يا أيها الناس، ما بال أحدكم يزوج عبده من أمته، ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق " أي أنه حق متمحض للزوج، ليس لأحد غيره، وعلى هذا انعقد الإجماع، فالطلاق للرجل، وليس للمرأة.

أما قولهم: "العصمة بيد المرأة" فالمراد به تفويض الرجل امرأته وتوكيلها في تطليق نفسها متى شاءت، وهو ما يسمى في الفقه بتفويض الطلاق.

فقد أجاز بعض أهل العلم أن تشترط المرأة على زوجها عند العقد أن تطلق نفسها متى شاءت، فتقول: طلَّقتُ نفسي، ولا تقول لزوجها: أنت طالق !! كما يظن العوام، فالرجل ليس محلا للطلاق، إنما محله المرأة.

فلابد أن نعلم أن الطلاق حقٌّ للزوج، فيطلق زوجته بنفسه، وله أن يوكل غيره في تطليقها، وله أن يفوِّضها هي في تطليق نفسها، ولا يعني هذا التفويض منه إسقاط حقه في الطلاق، بل له أن يطلق متى شاء، وكل من التفويض والتوكيل لا يسقط حقه، ولا يمنعه من استعماله متى شاء، فإن أخذت به المرأة فهو طلاق رجعي على الصحيح من أقوال أهل العلم، للزوج أن يراجعها بعده، مادامت الطلقة دون الثلاث، وفي العدة.

كما أن أهل العلم لم يتفقوا على جواز هذا الشرط، بل اختلفوا فيه، فالحنفية أبطلوه، مع كون العقد صحيحا، وهو ظاهر مذهب الشافعية، وشدَّد في ذلك الظاهرية، فقالوا: إنه لا يجوز للزوج أن يفوض لزوجته تطليقَ نفسها، أو يوكل غيره في تطليقها .. لأن الله تعالى جعل الطلاق للرجال لا للنساء، لكن صحح الحنابلةُ هذا الشرط، واختاره شيخ الإسلام، فأكثر أهل على العلم على عدم صحة هذا الشرط، أو عدم جوازه أصلا، في الوقت الذي أعطى الشارع الحق للمرأة -عند استحالة الحياة الزوجية- في طلب الطلاق، فإن أبى الزوج طالبت بالخلع، والخلع ليس موكولا إلى رضا الزوج، بل يقع بغير اختياره، فيقع بحكم القاضي.

ولذلك لا يحسن بالرجل أن يقبل هذا الشرط، وأن يجعل الطلاق للمرأة؛ وذلك أن طبيعة المرأة شديدة العاطفة، لا تضبط نفسها مع أيسر انفعال وغضب، فقد تطلِّق نفسها لأهون الأسباب، وأيسرها، ومن ثمَّ كان من حكمة الله تعالى أن جعل أمر الطلاق موكولا إلى الرجال دون النساء، لكونهم في الغالب أرجح عقلا، وأهدأ عاطفة،

وما أحسن ما قالته إحدى المتخصصات في علم الاجتماع، وهي الدكتورة سلوى نصار قالت: "إن المرأة في مجتمعاتنا المعاصرة بحكم تعلميها المتزايد وبحكم وسائل الإعلام وحركات تحرير المرأة وبحكم خروجها للعمل أصبحت لها سلطات قوية لم تكن للمرأة من قبل.

فإذا جئنا في هذا الواقع المعقد وشجعنا أن تكون العصمة في يد الزوجة فإن معنى ذلك أننا نعمل ونساعد على انهيار الأسرة .. حيث تزداد المرأة قوة وتزداد شخصيتها تسلطاً في حين تتراجع وتتوارى شخصية الرجل. والمرأة بطبيعتها عصبية وقلقة وتجري وراء عاطفتها الوقتية .. فإذا أعطيت حق تطليق نفسها وأصبح حقاً عاماً فإن أعداد المطلقات سوف تتضاعف كل يوم ويتشرد الأبناء وتصبح لدينا مشكلة اجتماعية خطيرة .. ولقد وقعت المرأة ضحية للإعلام الذي يحاول أن يحرضها ضد قوامة الرجل ويغرس فيها روح الشجار والتناحر وعدم التراحم معه. والحديث النبوي يقطع بأن النساء (يكفرن العشير) .. وهن في حاجة إلى من هو أقوى شخصية وأكثر اتزاناً عاطفياً. كما أن الرجل الذي يوافق على أن تكون العصمة في يد زوجته هو رجل غير طبيعي وفيه نقص وعيب معين.. وهو زوج لن يعجب هذه الزوجة لأنها تريد رحلاً قوياً .. وواضح أن صاحبنا ضعيف ذو غرض ولذلك فسوف يفشل هذا الزواج بسرعة .. ولم نجد زواجاً كانت العصمة فيه في يد الزوجة ونجح".

والله الموفق.

كتبه

د.محمد بن موسى الدالي

8/8/1432هـ

 
المادة السابقة
المادة التالية

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف