د.الدالي: لا يشترط كون الخطبة بالعربية، مادام المستعون غير عرب، ويستثنى القرآن.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإنه كثيرا ما يتسأل بعض الأعاجم عن كون الخطبة يشترط لها أن تكون باللغة العربية، وبيانا لهذا الأمر، أقول: اختلف أهل العلم في اشتراط كون الخطبة باللغة العربية، فذهب الحنفية إلى أنه لا يشترط أن تكون بالعربية، بل بلغة المستمعين لقوله تعالى: ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) ولأن المقصود من الخطبة نفع المسلمين، وكون الخطبة بلغتهم أنفع لهم، ولأن اللغة ليست مقصودة لذاتها.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى اشتراط كون الخطبة باللغة العربية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب بالعربية، ويقول: صلوا كما رأيتموني أصلي.
والذي أراه في هذه المسألة، أنه إذا كان عامة المستمعين غير عرب، فلا بأس بالخطبة أن تكون بلغتهم، باستثناء القرآن، فيقرأ بالعربية، ويفسره الخطيب أثناء خطبته.
أما إذا كان في المستمعين عرب وغيرهم، فتلقى بالعربية، ثم تترجم، لكن الترجمة تكون بعد الصلاة والخطبتين، لأن الموالاة بين الخطبتين شرط، وكذلك إِتْباع الصلاة للخطبتين شرط عند جمهور الفقهاء، كما يخشى من الترجمة أثناء الصلاة أن يحصل بها انشغال.
ويمكن أن تكتب باللغة الأخرى، وتوزع على الموجودين.
وجوَّز بعض أهل العلم أن تكون الترجمة مباشرة أثناء الخطبة من خلال سماعات خاصة لغير العرب، وليس هذا مناسبا لما يسببه من انشغال أثناء الخطبة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من مسَّ الحصى فقد لغى، وحذر من مجرد لفظ: "أنصت" أثناء الخطبة، مع أنه يحصل به فائدة للمسلم.
أما الفصل بين الخطبتين بترجمة فهذا منافٍ للموالاة المشروطة بين الخطبتين، كما أن الفصل بين الخطبتين وبين الصلاة بترجمة منافٍ للموالاة أيضا، فلا ينبغي، والله الموفق.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 7/11/1430هـ