الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن كثيرا من الناس يغفل عن موضعين يشرع فيهما تكثير الصلاة، الأول: قبل صلاة الجمعة، والثاني بعد صلاة المغرب.
فأما الأول، فدليله قول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى).
فقوله: (فصلى ما كتب له) وفي لفظ: (فصلَّى ما قُدِّرَ له)، فهذا يدل على مشروعية الصلاة، من لحظة دخول المسلمِ المسجدَ يومَ الجمعة إلى خروج الإمام.
وهذا هو المأثور عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فقد كان بعضهم يصلي ثنتي عشرة ركعة أو عشر ركعات أو ثماني ركعات، أو أكثر أو أقل، كما نقله شيخ الإسلام وغيره عنهم رضي الله عنهم أجمعين.
وكان ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يُطيل الصلاةَ قبل الجُمُعة، ويُصلِّي بعدَها ركعتينِ في بيتِه، ويُحدِّثُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَفعَلُ ذلك.
أما بعد صلاة المغرب، فقد أخرج أحمد والترمذي بسند صحيح عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: ( أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْعِشَاءِ).
وهو المروي عن السلف رحمهم الله، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "صلاة الأوابين، ما بين أن يلتفت أهل المغرب، إلى أن يُثَوَّب إلى العشاء".
وعن عبد الرحمن بن الأسود عن عمه، قال: ساعةٌٌ، ما أتيت عبدَ الله بن مسعود فيها إلا وجدته يصلي، ما بين المغرب والعشاء، وكان يقول: هي ساعة غفلة.
وكان أنس رضي الله عنه يصلي ما بين المغرب والعشاء، ويقول: هي ناشئة الليل، وجاء عنه في تفسير قوله تعالى: ( كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) قال: كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء".
تنبيه: الحديث الوارد في فضل ست ركعات بعد المغرب، بلفظ: (مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ، لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ، عُدِلْنَ لَهُ بِعِبَادَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً) لم يصح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل قول عامة المحدثين فيه أنه ضعيف جدا.
فهلموا إلى تلك الساعات، لإكثار الصلاة فيها، وإحياء تلك السنة المهجورة، سائلا الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد
والله من وراء القصد
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في:29/2/1441هـ