المواد / المقالات / صورة محدثة: ختم القرآن جماعيًّا، وإهداء الثواب للميت

صورة محدثة: ختم القرآن جماعيًّا، وإهداء الثواب للميت

تاريخ النشر : 17 ربيع آخر 1441 هـ - الموافق 15 ديسمبر 2019 م | المشاهدات : 1790
مشاركة هذه المادة ×
"صورة محدثة: ختم القرآن جماعيًّا، وإهداء الثواب للميت"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فإنه قد شاع في الآونة الأخيرة اجتماع الناس عند أهل الميت، بدلا من العزاء وتكاليفه الباهظة، ومخالفته للشرع، فيقرؤون القرآن، ثم يهدون ثوابه وأجره إلى الميت، وهذه المسألة من حيث الأصل متنازع فيها -وإن اختلفت في الصورة- غير أنها وقع فيها النزاع. فذهب جمع إلى جوازها، وذهب الآخرون إلى عدم المشروعية، حيث إن الأصل في العمل الشرعي والتعبدي التوقيف، والاقتصار على السنة الثابتة من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدي أصحابه رضي الله عنهم، وإنما يشرع من العمل للميت ما قام عليه الدليل، كالصدقة عنه، أو الحج أو العمرة عنه، أو الصوم عنه، ونحوه، دون الصلاة أو الذكر عنه، أو تلاوة القرآن ووهب ثوابه له، وهذا لا شك أنه أقرب إلى الصواب من القول الأول، وهو مقتضى الدليل. وعلى تقدير أن الراجح في الخلاف أنه يصل أجر القراءة للميت، ونرجو اللهَ تعالى ذلك، وهو ما كان يراه شيخنا ابن عثيمين رحمه الله، لكن هل مثل هذه الطريقة الشائعة الآن من الاجتماع عند أهل الميت، وأخذ كل واحد منهم مصحفا يقرأ منه في مجلس واحد، أو يقرأ من قلبه وحفظه، ثم يهب الجميع أجر القراءة للميت، فهل مثل هذه الطريقة توافق الشرع؟! فأقول: تلك الطريقة التي أحدثوها هي إلى البدعة أقرب من الطريقة الأولى، وهو الاجتماع عند أهل الميت والجلوس وسماع المقريء ونحوه، مما يفعل عن القبر من قراءة الصمدية .. إلخ !! وكلتاهما ليس على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا هدي أصحابه رضي الله عنهم. فما زال الناس يموتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يزيد على الدعاء للميت، وهو سيد المتقين عليه السلام، وأشفق وأرحم هذه الأمة بها، ولو كان مثل هذه الطرق تنفع الميت لما تركها، ولأرشد إليها المسلمين، مع كونه قادرا على ذلك، ليس ممنوعا منه، فَتَرْكُه صلى الله عليه وسلم له، مع قيام الداعي، وعدم المانع يدل على عدم مشروعيته، بل إنه صلى الله عليه وسلم، ترك ذلك كليا، وأرشد إلى الدعاء للميت، ففي الحديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث .. ومنها: ولد صالح يدعو له) فهذا هو التوجيه النبوي لِمَا ينبغي أن يُفعل للميت، ولو كان غيرُ الدعاءِ نافعَهُ، لما تركه صلى الله عليه وسلم، ولأرشد إليه، سيما والحديث في سياق العمل: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله ..) فدل على أن أكمل العمل للميت هو الدعاء له، دون سائر ما يحدثه الناس، قاله أفصح العرب وأرحم هذه الأمة بها، صلى الله عليه وسلم. كما أن الدعاء للميت، دون غيره من الأعمال هو حال الصالحين من هذه الأمة، وقد أثنى الله تعالى في كتابه العزيز على ذلك، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ) [الحشر:10]. لذا أؤكد على أن المشروع للميت هو الدعاء له، والاستغفار له، والترحم عليه، فهذا غاية ما ينفعه، وعلى المسلمين لزوم سنة وهدي سيد الخلق والمتقين، وإمام العابدين صلى الله عليه وسلم في كل ما يتعلق بالعبادات والدِّين. والله الموفق كتبه: د. محمد بن موسى الدالي في 14/4/1441هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف