الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فقد أخرج الإمام أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي مَسْجِدِ الْفَتْحِ ثَلَاثًا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ، قَالَ جَابِرٌ: "فَلَمْ يَنْزِلْ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ غَلِيظٌ إِلَّا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ فَأَدْعُو فِيهَا فَأَعْرِفُ الْإِجَابَةَ".
وهذا الحديث قد استدل به بعض أهل العلم على أن ما بين الظهر والعصر يوم الأربعاء من الأوقات الفاضلة في إجابة الدعاء، كما أنهم عملوا به، ونصوا على فضله، أضف إلى ذلك أن هذا هو ما فهمه الصحابي الجليل جابر رضي الله عنه.
وللجواب على هذا يقال:
أما الحديث من حيث الثبوت والسند، فهو ضعيف، وعليه الأكثرون، غير أن الشيخ الألباني رحمه الله حسنه.
وأما المعنى، فليس في الحديث ما يدل على أن هذا الوقت من الأوقات التي ترجى فيها الإجابة بصفة مستمرة، إنما صادف أن أجيب الدعاء هذا الوقت من يوم الأربعاء، فلا يعلم أهو جوابٌ لدعاء الأربعاء أم الثلاثاء أم الاثنين؟ أم هو إجابة لدعاء سابق في غير هذه الأيام، أم أن الإجابة كانت باستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو صدقة ونحوه؟ أم بدعوة أحد من الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فكل هذه احتمالات تحتفُّ بتلك الإجابة الواقعة يوم الأربعاء بين العشائين، مما ينفي تعيُّن َكونِ الإجابةِ حاصلةً بدعاء الأربعاء.
كما أنه وقد ورد في الشرع نصوص كثيرة جدا تبين المواضع التي يحسن بالمسلم تحريها، كثلث الليل الأخير، وبين الأذان والإقامة، وعند نزول المطر، وساعة الجمعة، وفي السفر، وعند الفطر من الصوم، ودعوة الوالد لولده، ويوم عرفة، ونحوه، وليس منها هذا الوقت المذكور.
أما فعل جابر رضي الله عنه، فهذا اجتهاده هو رضي الله عنه، لكنه ليس دليلا على فضل هذا الوقت في الدعاء، ولذا لم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم تحري هذا الوقت البتة.
فالذي يظهر أن هذا الوقت كغيره من الأوقات لا دليل في الحديث على أنه وقت فاضل، إنما صادف إجابة الدعاء وحصول البشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، لا أكثر.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 1441/6/29هـ
هل الدعاء يوم الأربعاء بين الظهر والعصر من السنن المهجورة، وأنه وقت يقصد بالدعاء؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فقد أخرج الإمام أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي مَسْجِدِ الْفَتْحِ ثَلَاثًا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ، قَالَ جَابِرٌ: "فَلَمْ يَنْزِلْ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ غَلِيظٌ إِلَّا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ فَأَدْعُو فِيهَا فَأَعْرِفُ الْإِجَابَةَ".
وهذا الحديث قد استدل به بعض أهل العلم على أن ما بين الظهر والعصر يوم الأربعاء من الأوقات الفاضلة في إجابة الدعاء، كما أنهم عملوا به، ونصوا على فضله، أضف إلى ذلك أن هذا هو ما فهمه الصحابي الجليل جابر رضي الله عنه.
وللجواب على هذا يقال:
أما الحديث من حيث الثبوت والسند، فهو ضعيف، وعليه الأكثرون، غير أن الشيخ الألباني رحمه الله حسنه.
وأما المعنى، فليس في الحديث ما يدل على أن هذا الوقت من الأوقات التي ترجى فيها الإجابة بصفة مستمرة، إنما صادف أن أجيب الدعاء هذا الوقت من يوم الأربعاء، فلا يعلم أهو جوابٌ لدعاء الأربعاء أم الثلاثاء أم الاثنين؟ أم هو إجابة لدعاء سابق في غير هذه الأيام، أم أن الإجابة كانت باستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو صدقة ونحوه؟ أم بدعوة أحد من الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فكل هذه احتمالات تحتفُّ بتلك الإجابة الواقعة يوم الأربعاء بين العشائين، مما ينفي تعيُّن َكونِ الإجابةِ حاصلةً بدعاء الأربعاء.
كما أنه وقد ورد في الشرع نصوص كثيرة جدا تبين المواضع التي يحسن بالمسلم تحريها، كثلث الليل الأخير، وبين الأذان والإقامة، وعند نزول المطر، وساعة الجمعة، وفي السفر، وعند الفطر من الصوم، ودعوة الوالد لولده، ويوم عرفة، ونحوه، وليس منها هذا الوقت المذكور.
أما فعل جابر رضي الله عنه، فهذا اجتهاده هو رضي الله عنه، لكنه ليس دليلا على فضل هذا الوقت في الدعاء، ولذا لم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم تحري هذا الوقت البتة.
فالذي يظهر أن هذا الوقت كغيره من الأوقات لا دليل في الحديث على أنه وقت فاضل، إنما صادف إجابة الدعاء وحصول البشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، لا أكثر.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 1441/6/29هـ