الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن الاعتكاف عبادة مسجدية، سُنةٌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، لم يثبت فيه فضل معين، ولا حديث صحيح في فضله، غير أنه هدي نبوي.
ولا يشرع الاعتكاف في البيوت أو غيرها، فقد ذكره الله تعالى في كتابه العزيز، وقيده بموضعه الوحيد، فقال تعالى: (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) واعتكف النبي صلى الله عليه وسلم، واعتكف أزواجه رضي الله عنهن في المسجد، ولم يثبت خلافهن ولو كان يشرع الاعتكاف في البيت، لكان أولى الناس به نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أشد صيانة وحفظا لهن، وأبعد عن التعرض لمواضع الرِّيب، ولو كان يشرع لاعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في بيته حال مرضه، ولأرشد إليه المسلمين عند تعذر الاعتكاف في المسجد.
فلا يشرع الاعتكاف إلا في مسجد.
ثم اعلم أن من كان من أهل الاعتكاف، ومنع عنه هذا العام لهذا الظرف الطارىء الذي أحل بديار الإسلام، فهو على أجره كاملا، ففي الحديث الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يصنعه مقيما صحيحا) وهذا يشمل الاعتكاف والتراويح والتهجد والجمعة والجماعات وصلاة العيد، وغيره من العبادات التي يفعلها العبد ثم يتعذر عليه فعلها لمانع، وفضل الله تعالى واسع.
فلا ينبغي أن تغلبنا العواطف، ونقع في بدع ومحدثات ومخالفات شرعية.
أما من مكث في بيته للدعاء والصلاة والذكر وتلاوة القرآن، فهو على أجر عظيم، وليس بحاجة أن ينوي الاعتكاف، فما هو فيه خيرٌ من نية الاعتكاف، المخالفة للشرع.
والله الموفق.
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 18 رمضان، لعام واحد وأربعين وأربعمائة وألف