الجواب عن هذه المقالة:
قال أحد المتشددين التبرك بقبور الصالحين شرك
فقال له الشيخ : من الذي يهب الأولاد؟؟؟ قال: الله
قيل : فماذا تقول في قوله تعالى: قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا؟؟؟ قال: سبب.
ثم سئل: من يهدي إلى حق؟؟؟ قال: الله
قيل : فماذا تقول في قوله تعالى عن سيدنا محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ؟؟؟ قال: سبب.
ثم سئل: من يرزق الناس؟؟؟ قال: الله
فقيل له : فماذا تقول في قوله تعالى: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ؟؟؟ قال: سبب.
ثم سئل: من الذي يخلق؟؟؟ قال: الله .
قيل : فماذا تقول في قوله تعالى عن سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام : أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ؟؟؟ قال: تصوير بمعنى السبب.
ثم سئل: من الذي يتوفى الأنفس؟؟؟ قال: الله .
قيل : فماذا تقول في قوله تعالى:قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ؟؟؟ قال: سبب.
ثم سئل: من الذي يعين الخلق؟؟؟ قال: الله.
قيل فماذا تقول في قوله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ؟؟؟ قال: سبب.
ثم سئل: من الذي يغيث الخلق؟؟؟ قال الله.
قيل فماذا تقول في حديث رسول الله الذي صححه البخاري: تدنو الشمس من رؤوس الناس يوم القيامة فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم؟؟؟ قال: سبب.
قلت: يا هذا ، طالما تعرف أن تلك المعاني تأتي بمعنى السبب ، فلماذا تكفر المسلمين ليلا ونهارا وترميهم بالشرك بسبب التوسل والتبرك بالأنبياء والصالحين وزيارتهم ، وأنت تعلم أنهم أسباب للقبول وأبواب للخير والأدلة في ذلك ظاهرة ومتضافرة في أي كتاب يعالج هذه المسائل والقضايا وعلى القول بجوازها ومندوبيتها جماهير الأمة الإسلامية في المذاهب الأربعة وبقية المذاهب الإسلامية الأخرى، فانظر لحالك وأشفق على نفسك واتق الله ربك في عباده المؤمنين !!
انتهى.
والجواب عن ذلك:
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد.
فهؤلاء جهلة باللغة والشرع، فهذا الذي يتكلمون فيه نوع من الخلط والتخييل، وكل الألفاظ التي أتوا بها يجوز نسبتها إلى البشر، ولا يماري أحد في ذلك.
فلا شك أنه يجوز استعمال لفظ الهبة فيما يهبه الناس بعضهم لبعض، فيقول: وهبت فلانا قلما، فلا إشكال فيه شرعا، وهو سائغ لغة باتفاق.
وكذا يقال: هديتك إلى المخبز، أي: أرشدتك، فهو سائغ لغة، لا مخالفة فيه شرعا.
ويقال: رزقتك مالا، أي: أعطيتك ومنحتك.
ويقال: خلقت هذا الدولاب، أو كونته، وركبته، ولا محذور شرعا في ذلك، ومازال العرب يقولون: فلانٌ يَخْلُق ثم يَفْرِي، أي: يقرِّر الأمْرَ ثم يُمضيه، فلا حرج فيه شرعا.
ويقال: توفيت: أي قبضت، فملك الموت يقبض الروح بإذن الله، فيصح أن يقال لغة: توفى أو استوفى الملك روح فلان.
ويقال: استعنت بفلان في قضاء هذا الأمر، ولا شرك فيه باتفاق، مادام فلان أعانه وساعده، وهو على ما أعانه فيه قادر عليه.
ويقال: استغثت بالشرطة والنجدة، ولا محذور فيه شرعا.
هذا غاية ما ذكره الأخ، وهو سائغ لغة، باتفاق، إنما الشرك أن تنسب هذا كله إلى أحد، وأنت تعتقد أنه يملك الخلق والملك والغوث والإعانة والخلق والرزق والهبة، مطلقا، فهذا لا يجوز لغير الله تعالى، أما إن كان بقَدْرِه، ونُسب إلى من يقدر عليه من الأحياء، فلا بأس به باتفاق، وعلى هذا دل الشرع، كما ذكر الأخ في نصوص القرآن التي أتى بها، ودلت عليه اللغة.
أما من يقول: لصاحب القبر: ارزقني ولدا، أو: هب لي مالا، أو: أغثني وأعني، ونحوه، مما هو معروف من أقوال العوام عند القبور والمشاهد، ثم يباح لهم هذا بدعوى أنه مجرد سبب!!
فهذا من الشرك الأكبر، بلا شك، وهو من جنس قولهم: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)! فاعتبره الله تعالى كفرا وكذبا، فصاحب القبر عاجز عن نفع نفسه، فيما يقدر عليه لو كان حيًّا، فضلا عنه حال موته، وفيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى!!
فالاعتراض والتكفير على من يتوجه إلى القبر، معتقدا أن صاحبه من وليٍّ وغيره قادرٌ على الرزق والغوث والنفع وهبة الولد ونحوه، وهذا حالهم كلهم، إلا من رحم الله.
فياليت شعري أي جهل وتشتيت وخداع هذا للمسلمين؟!
والله المستعان
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 1/1/1442هـ