المواد / المقالات / لا بأس في عبارة: "إلا رسول الله" صلى الله عليه وسلم

لا بأس في عبارة: "إلا رسول الله" صلى الله عليه وسلم

تاريخ النشر : 10 ربيع أولl 1442 هـ - الموافق 27 اكتوبر 2020 م | المشاهدات : 2032
مشاركة هذه المادة ×
"لا بأس في عبارة: "إلا رسول الله" صلى الله عليه وسلم"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
الحمد لله رب العالمين،وأصلي وأسلم على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإنه قد كثر السؤال عن عبارة: "إلا رسول الله" وأنها من العبارات الخطأ، لما تحمله من حذف للمستثنى منه!! ولما توهمه من انتقاص في حق الله تعالى، وحق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، حتى أوصلها بعض أهل الفضل إلى أنها مخالفة للعقيدة !! والله المستعان
وأقول: لا بأس البتة، في مثل هذه العبارة، فما هي إلا عبارة فيها مبالغة في تحمل الأذى كله، إلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأن القائل يقول: أنا أتحمل الإساءة لنفسي، ولأبي وأمي، وكل غالٍ عزيز على نفسي، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي نظير أن يقول القائل: إلا أبي، أو ابني فلانا، فإنا أكرمه غاية الكرم، وليس معنى ذلك أنه لا يكرم أُمَّه، أو لا يكرم بقية أبنائه، إنما أبوه أو ابنه لهما منزلة خاصة، ولا انتقاص في تلك العبارة لأحد من بقية أهله، إنما هو تكريم للمستثنى، فإن قيل: إلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهو يضع النبي صلى الله عليه وسلم في أعلى مراتب البشر، دون انتقاص لغيره من البشر بحال، سواء من أنبياء الله صلى الله عليه وسلم أم غيره.
فالكلام كله في سياق البشر، ويدلل على ما في قلوب المسلمين من حب وغَيْرة شديدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما كونه موهما للانتقاص في حق الله تعالى، فهذا عجيب!! فالكلام في سياق البشر، ولا يرد عليه هذا الوهم الفاسد أبدا، كما أنه إنما يعظِّم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ تعظيما لمن أرسله، وهو الله تعالى، فما نال النبي محمد صلى الله عليه وسلم هذه المنزلة في قلوب المسلمين إلا لكون الله تعالى اصطفاه خاتما للنبيين والمرسلين، فكيف يوهم انتقاص الله تعالى؟!.
وإن كان العبد يقول هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فلأن يقوله في حق الله تعالى من باب أولى، وكيف لا؟! وهو يجاهد بنفسه وماله وأهله وأغلى ما يملك، في سبيل الله تعالى.
فلا شك أن تعظيم الله تعالى في قلوب المسلمين أضعاف أضعاف تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يشك في ذلك عاقل.
فلا يمكن أن يلزم هذا اللازم الفاسد من كلام المتكلم، إذ العربية تحتمل مثل هذا الاستثناء، وتفصح عن مراد المتكلم، دون هذا المعنى الآخر الفاسد المُتوهَّم.
وقد قال الصحابة رضي الله عنهم: "فداك أبي وأمي يارسول الله" في غير موضع، فهل كان هذا انتقاصا لحق الله تعالى، إذ كان الواجب أن يقال: "فداك أبي وأمي يارب، ويارسول الله"، حتى يستقيم كلامهم؟!! إنما يعظمون النبي صلى الله عليه وسلم، ويفدونه بأنفسهم وأهليهم؛ تعظيما لله تعالى الذي أرسله واصطفاه، ولولا اصطفاء الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، لما نال هذه المرتبة عند المسلمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، فكيف يقال بعد ذلك: يوهم انتقاص الله تعالى، وأنه لا يفدي الله تعالى بأمه وأبيه؟!.
علما أن القاعدة المتقررة: "أن لازم القول ليس بقولٍ حتى يقرَّ صاحبُه"، فلو كان يلزم من تلك العبارة سلبُ الله تعالى حقَّه، أو انتقاص الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، فلابد أن يقر قائل هذه العبارة بهذا اللازم، وأنه أراده، فإن نفى قصد هذا اللازم، بطل.
وأما حذف المستثنى منه، فهذا سائغ لغة جدا، مادام المعنى واضحا مفهوما، لا يعيبه أحد أصلا، وقد قدر العلماء الاستثناء المنقطع من جنس حذف المستثنى منه، إذ المستثنى ليس من جنس المستثنى منه، فكأنه لم يذكر المستثنى منه أصلا، وهو سائغ، وقيل منه: قوله تعالى: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ.. الآية} وهذا محل مناقشة، لكن ساغ للناس أن تقول: إلا أنت، يعني لا أضرك أبدا، أو لا أسيىء فهمك أبدا، ونحوه من التقديرات، مع حذف المستثنى منه، لكونه واضحا مفهوما.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 10/3/1442هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف