خزانة الفتاوى / عقيدة / هل من المشروع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الجمعة، لمدة خمس دقائق؟

هل من المشروع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الجمعة، لمدة خمس دقائق؟

تاريخ النشر : 4 ذو القعدة 1444 هـ - الموافق 24 مايو 2023 م | المشاهدات : 320
مشاركة هذه المادة ×
"هل من المشروع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الجمعة، لمدة خمس دقائق؟"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد
 فالله المستعان، من عقولٍ وقلوبٍ أُشربت البدعَ، وانصرفت عن لزوم هدي سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وهم من يزعمون حبَّه صلى الله عليه وسلم، ويحاربون من أجل الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام ليلَ نهار، زعمًا منهم أن هذا من شدة حبهم له، ومن لم يحتفل به، فهو مبغض له صلى الله عليه وسلم. 
ثم عند العمل بسنته، وهو الواجب كل لحظة في حياة المسلم، لا يكادون يلزمون شيئا من تلك السنة، وبل وينكرون على من يلزم ذلك، ويتشدد في التمسك بها، ويبغضون جدًّا أن يقال لما يحدثونه في دين الله تعالى: "نريد دليلا من هديه صلى الله عليه وسلم على مشروعية كذا، أو استحباب كذا، ونحن نتبعكم"!! يبغضون ذلك ويصرحون به، ثم يزعمون حبهم له صلى الله عليه وسلم، فأين المحبُّ حقيقة له صلى الله عليه وسلم من المبغض له؟! وإلى الله المشتكى.
أقول: الأصل مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت وحين، وهذا من أعظم الأعمال وأنفعها للعبد، فبه تغفر الذنوب، وتكفى الهموم، وتنشرح الصدور، ولم لا، وقد ورد هذا عنه صلى الله عليه وسلم، فكان حقًّا؟!
وتتأكد مشروعية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، يوم الجمعة وليلته، دون تقييد بوقتٍ دونَ وقتٍ، ولا حالٍ دونَ حالٍ، ولا زمنٍ دونَ زمنٍ، فمن حرص على السنةَ أكثَرَ من الصلاةِ عليه صلى الله عليه وسلم ليلةَ الجمعة ويومها.
أما تقييد الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الجمعة، وبعدد دقائق معينة، وعلى وجه الجماعة، أو حتى على وجه الانفراد، ودعوة المسلمين إلى ذلك! فهذا أمر ينقطع له العجب، ويقف المسلم حائرا لذلك! فمن أين ثبت الفضل لمثل هذا، وبهذا التحديد، وبهذا الزمن، حتى يدعى الناس إليه، وما الموجِب إليه؟!
أليس الأحرى بهم أن يقولوا: أكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة، ويومها، دعوةً عامَّةً، دون قيد بزمن ولا عدد، فقد قامت أدلة السنة على ذلك جلية، وينالون بذلك الخير والثواب العظيم، يثابون على الدعوة إلى نشر سنته عليه الصلاة والسلام.
لكن يبدو أنه من العسير عليهم أن يقِيموا الشرع إلا ببدعةٍ! فكأنهم جُبِلوا على ذلك، حتى أصبحوا يتسارعون إلى الإحداث في دين الله تعالى، دون توقف، وبكل عِنادٍ، ولو كان على حساب أصل دين الله تعالى!
فأهيب بنفسي وبكل مسلمٍ حريصٍ على الخير إن أراد الحقَّ، وموافقةَ الشرع، ألا يشارك في هذا، ولا في أي عمل بدعي، مهما كانت صفته، ومهما كان قائله، فهذا من التعاون على البر والتقوى، والمشاركة في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، فالمسلم المخلص هو من يحرص على حراسة الشريعة، والذود عنها، ومحاربة البدع وأهلها، كلما ندبوا باطلا.
ويحضرني الأثر عند الترمذي وغيره بإسناد حسن، أنَّ رجلًا عطَسَ إلى جنبِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما، فقال: "الحمدُ للهِ والسلامُ على رسولِ اللهِ"، قال ابنُ عمرَ: "وأنا أقولُ الحمدُ للهِ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وليسَ هكذا عَلَّمَنَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، علَّمَنَا أن نقولَ: الحمدُ للهِ على كلِّ حالٍ". 
فهكذا كان فقه القوم، وفهمهم للشرع، وحرصهم على الاتباع، وصد أهل البدع.
فلزوم السنة، والعمل بها، والمحافظة عليها هو عَيْنُ ما يريده الله تعالى من العباد، وليس الشرع بالاستحسان، والابتداع بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، إنما التسليم والعمل بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 2/11/1444هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف