خزانة الفتاوى / مناسك الحج والعمرة / تعيينُ الأضحية، ثم تعيُّبُها، وما يترتب على ذلك

تعيينُ الأضحية، ثم تعيُّبُها، وما يترتب على ذلك

تاريخ النشر : 2 ذو الحجة 1444 هـ - الموافق 21 يونيو 2023 م | المشاهدات : 513
مشاركة هذه المادة ×
"تعيينُ الأضحية، ثم تعيُّبُها، وما يترتب على ذلك "

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط
  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
 فإن مسألة تعيين الأضحية، ثم تعيُّبِها عيبًا يمنع من الإجزاء، من المسائل الدقيقة علميًّا، وهي مهمة لطالب العلم، وللمضحِّي بشكل عام، وصورتها أن يشتري المسلم شاة مثلا، قبل العيد، ثم يحفظها عنده، ولهذا ثلاث صور:
الأولى: أن يشتريها بدون أي نية، ثم تتعيب، بعور أو عرج أو كسر ونحوه، فهذه لا تجزي أضحيةً، قولا واحدا، إذ شرطُ صحتها أضحيةً سلامتُها من العيوب عند التضحية بها، وهذا غير حاصل.
الثانية: أن يشتريَ بعيرًا، ثم يعيِّنَه للأضحية، فيقول: هذا أضحيةٌ لهذا العام مثلا، فإن تعيَّب، فإنه ينظر:
فإن كان تعيُّبُه بتعدٍّ منه أو تفريطٍ، كأنْ حَمَل عليه شيئًا فكسر قدمَه، أو تركه بدون حفظ كافٍ، فعَدَى عليه الذئبُ، فأصابه بعَوَرٍ، أو كسرٍ، فهذه لا تجزيء أيضا أضحيةً، إذ هي أمانة عنده، وقد فرَّط أو تعدَّى فيها، فيلزمه ضمانه، ويضحِّى بغيره.
أما إن كان تعيُّبُ الأضحية بغير تعدٍّ منه، ولا تفريطٍ، كان أراد السارق أن يحمل شاةَ الأضحيةِ فوقعت، وكُسِرت، بعد أن حفظها في مكان أمين، فإنه ليس منه تفريطٌ، ولا تعدٍّ، فهذه تجزيء عنه؛ لأن التعيُّب ليس منه، فلا يضمنها، فهي عنده بمثابة الأمانة، والأمانة لا تضمن إلا بتعدٍّ أو تفريطٍ.
الثالثة: أن يشتريها بنية الأضحية، لكن لا يصرِّح بتعيينها أضحية، إنما يكتفي بشرائها بنية الأضحية، فقد وقع في هذا خلافٌ: هل مجرد الشراء بنية الأضحية يعيِّنُها، أم لا بد من النطق بذلك؟ 
فذهب الحنفية والمالكية إلى أنها تتعين بذلك، ويكفيه الشراءُ بتلك النية عن التصريح بالتعيين، لحديث: (إنما الأعمال بالنيات) والنية تمحَّضت للأضحية، فأشبه ما لو نطق وصرَّح بالأضحية، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى عدم التعيين بمجرد الشراء، حتى يصرح بالتعيين، وهذا القول فيه قوة ووجاهة؛ إذ قد يُخرِجُ الشخصُ مالا وفي نيته الصدقة، ثم يبدو له ألا يتصدق به، فلا يتمحض المال للصدقة بمجرد نيتها، وكذلك لو أبرز أرضًا ليوقفها، ثم بدا له عدم ذلك، فلا يصير وقفًا بمجرد نيته، بل لابد أن يقول: هذه الأرض وقف لله تعالى، ولو نوى عِتقَ عبدٍ، ثم بدا له عدم العتق، فلا يكون حُرًّا بمجرد النية، فكذلك هنا، فلا بد من نطقٍ حتى تتعين، ولا يكون أضحية بمجرد النية.
وثمرة تعيين الأضحية، سواء باللفظ، أم بالشراء بنية الأضحية، على قول من يجيز ذلك: أنها في حال تعيُّبِها، فإن الأمر على التفصيل السابق، فإن كانت تعيَّبت بتعدٍّ منه أو تفريط، فإنها لا تجزئه، وإن كانت بغير تعدٍّ أو تفريطٌ، فإنها تجزئه.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 18/11/1444هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف