الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن مما ابتلي به المسلمون لفترات طويلة من الزمان، وكان للصوفية وأشباههم فيه أثر كبير، جملة من الاعتقادات الفاسدة، ومن أبرز ذلك:
رشُّ الملح في البيوت والتبخير والزار والدَّقُ بالهون وإيقاد الشموع - مما يصنع في السُّبُوع - ظنًّا منهم أن هذا: إما دافعٌ للشر والسوء، أو جالبٌ للخير، وأن فيه مصلحة! وكل ذلك من البدع والمحدثات، ولم يثبت من قبل الشرع أن هذا جالب للخير أو دافع للشر، فلا أصل لذلك أبدًا، بل عدَّه أهل العلم من الشرك الأصغر، لكونهم اعتبروا هذه الأشياء أسبابًا لجلب الخير أو دفع الضر، بغير دليل من الشرع، وكل من اعتبر الشيءَ سببًا، ولم يقم على سببيَّتِه دليلٌ شرعيٌّ، فقد وضع نفسَه مشرِّعًا مع الله تعالى، في وضع الخير في سببٍ ما، أو دفع السوء في سببٍ ما، ولا يصنع ذلك إلا الله تعالى.
كما أن الأسباب ترتبط بمسبباتها بصورة غيبية، لا تدرك، فلا يتصور أن يُعلم أن هذا سببٌ أو ليس بسببٍ، وهو غيبي، لا يعرف إلا من قبل الله تعالى، فمن ادَّعاه فقد ادَّعى علم الغيب، وشارك الله تعالى فيه! فهذا وجه كونه من الشرك الأصغر.
فالأصل أن الذي يربط الأسباب بمسبباتها هو الله تعالى، ولم يثبت شرعًا أن ارتباط الفلاح والصلاح أو دفع السوء والشر عن العبد منوطٌ بِرَشِّ الملح والتبخير والدق بالهون ونحوه، فعدم الثبوت شرعًا يفيد بطلان تلك الأعمال.
فكل هذا لا ينفع فاعلَه شيئًا، بل هو ضارٌّ له شرعًا بابتداعِهِ في دينِ الله تعالى، وباتباعِهِ أهل الباطل والضلال، هذا إن لم يضرَّه بدنًا! إذ لا تخلو تلك المجالس من الشياطين، نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
فعلى المسلم ألا يأخذ من الأسباب، في جلب الخير أو دفع السوء، إلا ما جعله اللهُ تعالى سببًا، كالدعاء والصدقة وصلة الرحم، وكثرة الذكر وتلاوة كتاب الله تعالى، وتلاوة سورة البقرة في البيوت، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والعقيقة والذبح على اسم الله تعالى وشرب العسل أو الكَيِّ والحِجامة، ونحوه، مما قامت أدلة الشريعة على اعتبارها أسبابًا شرعية.
والله ولي التوفيق
تنبيه: لا بأس في استعمال البخور لتطييب البيوت والمساجد ونحوه، أو للعلاج باستنشاقه، فهذا علاج حسي جائز.
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 9/6/1445هـ