الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
يحتفل القوم كل عام برحلة الإسراء والمعراج، احتفالا بدعيًّا، وقد يكون شركيًّا، ويصدِّعون رؤوسنا بذلك، ولو أنكرنا عليهم البدعة، قالوا: هذا مشهد عظيم، صعد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماء، للقاء الله تعالى، مردِّدين مقالتهم المكذوبة: "إذا أنت تقدَّمتَ اخترقت، وإذا أنا تقدَّمتُ احترقت" ولم يصح! فكيف لا نحتفل بهذا المشهد العظيم؟!
قلت: سبحان الله تعالى! وفي تلك الليلة مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم في كل سماء بنبيٍّ من أنبياء الله صلى الله عليهم وسلم، وإبراهيم عليه السلام في السابعة، مُسندًا ظهرَه إلى البيت المعمور، كما هو معلوم متقرر، حتى بلغ صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى، ولم يصح أنه فارق جبريل عليه السلام!
ثم فرض الله تعالى عليه الصلاة، وكان بينه وبين الله تعالى من الحديث ما هو معلوم، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: فأوحى اللهُ إليَّ ما أوحى، ففرض عليَّ خمسين صلاةً في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فنزلتُ إلى موسى، فقال: ما فرض ربُّك على أُمَّتِك ؟ قلتُ: خمسين صلاةً، قال: ارْجِعْ إلى ربِّك فسَلْه التَّخفيفَ، فإنَّ أُمَّتَك لا تُطيقُ ذلك، فإني قد بلَوْتُ بني إسرائيلَ وخبَرتُهم، فرجعتُ إلى ربي، فقلتُ: يا ربِّ خَفِّفْ عن أُمَّتي، فحطَّ عني خمسًا، فرجعتُ إلى موسى، فقلتُ: حطَّ عني خمسًا، قال: إنَّ أُمَّتَك لا يُطيقون ذلك، فارجِعْ إلى ربِّك فسَلْه التَّخفيفَ، فلم أزلْ أرجعُ بين ربي وبين موسى حتى قال: يا محمدُ، إنهنَّ خمسُ صلواتٍ كلَّ يومٍ وليلةٍ لكلِّ صلاةٍ عشرٌ .. الحديث، وهي قصة محفوظة كتابا وسنة، لا مجال للتشكيك في ثبوتها.
ثم بعد ذلك كله، وبعد احتفالهم البدعي بها، يزعمون أن الله تعالى ليس في السماء، ولا استوى على عرشه، وليس له مكان!!
إذن إلى مَنْ صعد النبي صلى الله عليه وسلم في المعراج، ومع مَنْ كان يتحدث؟ ومَنْ الذي فرض عليه الصلاة في هذا المكان؟ ومِنْ أين كان ينزل، ليلتقي موسى عليه السلام؟! ثم إلى مَنْ كان يصعد مرة ثانية؟! وبِمَ تحتفلون إذن؟!
كل هذا يطالبون بالجواب عنه، مادام أن ربهم ليس في السماء؟
اللهم ردَّهم إليك ردًّا جميلا، وثبِّت عقولهم .. آمين
والله المستعان
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 10/2/1446هـ