الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن قوله تعالى: (يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ) وهذه الآية وإن كانت من حيث النزول وسببه، كانت في العرب قبل الإسلام حينما كانوا يطوفون بالبيت عرايا، فأنزل الله تعالى هذه الآية آمرًا إياهم بأخذ الزينة، وستر العورة وجوبا لكل صلاة، غير أن قاعدة الإسلام أن العبرة بعموم النص، لا بخصوص السبب، فالنصُّ عامٌّ يأمر في كل صلاة يريد أن يصليها العبد، بأخذ الزينة لها، سواء ذهب إلى المساجد والجوامع، أو كان في بيته، من رجلٍ أو امرأةٍ.
وفي هذا إشارة وتنبيه على ما يفعله بعض الناس، حينما يريد أن يصلي، وهو في بيته، فإنه يصلي ربما بثياب نومه، ونحوه، وربما صلى بالملابس البسيطة جدا، كالفانلة والسروال ونحوه، فهذا ولو كان مباحا، لكن الآية تأمره بخلاف ذلك، فأدبًا مع القرآن، وائتمارًا بأمرِهِ، فحينما يقوم المسلم ليصلي -ولو في بيته- عليه أن يتزين بأحسن الملابس لصلاته، ولو كانت نفلا، بل ويتطيب لها، ويتزين ما أمكنه؛ فقد كان السلف يقومون للصلاة في أحسن حِلَّةٍ، وقد جاء عن الحسن رضي الله عنه كان إذا قام إلى الصلاة لبس أحسن ثيابه، مستشهدا بهذه الآية! فقيل له: يا ابن بنت رسول الله، لم تلبس أجمل ثيابك؟ فقال: إن الله جميل يحب الجمال، فأنا أتجمَّل لربي، لأنه هو القائل:خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "أمرَ اللَّهُ بِقدْرٍ زائِدٍ عَلى ستر العَوْرةِ في الصَّلاةِ. وهو أخْذُ الزِّينة. فَقالَ تَعالى ﴿خُذُوا زِينَتَكم عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] فَعَلَّقَ الأمْرَ بأخذ الزينة، لا بِسَتْرِ العَوْرَةِ، إيذانًا بِأنَّ العَبْدَ يَنْبَغِي لَهُ أنْ يَلْبَسَ أزْيَنَ ثِيابِهِ، وأجْمَلَها في الصَّلاةِ".
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 16/2/1446هـ