الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وآله وصحبه وبعد.
فالأصل تساوي النساء مع الرجال في الأحكام تماما، خاصة الصلاة، وهيئتها، إلا لدليل، فيسن لها المجافاة بين بطنها وفخذيها، وبين عضديها وجنبيها، وبين ساقيها، ويسن لها التورك والافتراش، ولا كراهة في ذلك البتة! كما يسن لها تسوية الظهر عند الركوع، ويسن لها رفع اليدين على الصفات المشهورة في التكبير، وعند الركوع والرفع منه، وعند القيام للثالثة، ويسن قبض الشمال باليمين في قيامها، وعلى صدرها على الأرجح، كما يسن لها تفريج أصابعها على ركبها في الركوع، وكل ما يفعله الرجل من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة تفعله المرأة، دون أدنى مفارقة.
وغاية ما ذكره أهل العلم، في ترك المجافاة، وتأكُّد الانضمام لها، إنما هو محمول على حضرتها عند الرجال لضرورة ونحوه، أما إن خَلَت بنفسها، أو كانت بين أبنائها ومحارمها، أو عند زوجها، أو عند النساء، فلا فرق بينها وبين الرجل في كل ما يتعلق بالصلاة أو هيئتها أو مستحباتها أو مكروهاتها، وهذا كله داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) دون أن يفرِّق بين الرجال والنساء، وقد سُئلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الرَّجلِ يجدُ البللَ ولا يذكر احتلامًا؟ قالَ: يغتسل وعن الرجل يرى أنه قد احتلمَ ولا يجد البللَ؟ قالَ: لا غُسل عليه، فقالت أمُّ سُلَيمٍ: المرأةُ ترَى ذلك أعليْها غُسلٌ؟ قال: نعم، إنما النِّساءُ شقائقُ الرِّجال، فسوَّى بين المرأة والرجل في حكم ذلك، فمن ادَّعى التفريق والتفصيل بينهما في الأحكام طولب بالدليل.
أما ما نقل عن بعض الصحابيات رضي الله عنهن في سدل القدمين إلى جانبٍ، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها، وعن غيرها، فلا يعني تغيرَ الحكم، واختلافَه لعامَّة النساء، إنما يحمل على حالٍ خاصٍّ بعائشة رضي الله عنها، من كِبَرٍ وعَجَزٍ ونحوه، وليس إنشاءَ أحكامٍ جديدةٍ خاصةٍ بالنساء في الصلاة!
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 23/2/1446هـ