المواد / فتاوى منوعة / حكم قبول دعوة أهل الكتاب بمناسبة رأس السنة

حكم قبول دعوة أهل الكتاب بمناسبة رأس السنة

تاريخ النشر : 27 شوال 1445 هـ - الموافق م | المشاهدات : 2331
مشاركة هذه المادة ×
"حكم قبول دعوة أهل الكتاب بمناسبة رأس السنة"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

السلام عليكم ،أنا مقيم في فرنسا، ومعزوم على غداء بمناسبة رأس السنة عند حماتي التي من أهل الكتاب ، مع العلم أنّ زوجتي أي إبنتها أصبحت مسلمة والفضل لله تعالى ،فما رأي الدين في ذلك هل نرفض الدعوة أم نقبلها مع العلم أني كمسلم لا أؤمن بهذه المناسبة فقط لأن حماتي تعمل ضغطا على زوجتي؛ وشكرا وفقنا الله فيما يحبه و يرضاه.
الحمد لله رب العالمين
بدايةً فقه التعامل مع أهل الكتاب دقيق للغاية، فهناك بعض النصوص تدعو إلى التعامل معهم بشئ من الشدة، مثل ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام، وإن لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه ).
لكن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعامل معهم بالحسنى، ولما سلم عليه أحد اليهود بقوله: (السام عليك يا محمد) أي الموت عليك، فقال: (وعليك) ولم يزد، فهذا كافٍ في رد السوء بالمثل، ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا، ولا بذيء اللسان.
وقد مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من شعير، اشتراه منه نسيئة، كما في الصحيحين.
كما أكل صلى الله عليه وسلم عند اليهودية التي وضعت له السم في الشاة، قال أنس رضي الله عنه: "فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم".
أما قبول الهدية منهم، فما كان لغير أعيادهم، فهو جائز، بناء على الأدلة المتقدمة، وقد قال تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الممتحنة-8، وقد نص المفسرون في هذه الآية على أن المراد إهداؤهم وقبول هديتهم.
وعند أحمد عن علي رضي الله عنه قال: "أهدى كسرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل منه، وأهدى له قيصر فقبل منه، وأهدت له الملوك فقبل منهم".
وقال أبو حميد رضي الله عنه: أهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء وكساه برداً . أخرجه البخاري ومسلم.
وهذا جائز فيما كان أصله مباحا، أما ما كان محرما لعينه، كالخمر والخنزير والمعازف ونحوه، فلا يجوز قبولها، ولا من مسلم.
أما هديتهم وطعامهم بسبب أعيادهم، فقد ثبت في هذا الباب جملة من الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم، من ذلك:
ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها قالت: إن لنا أطياراً من المجوس وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا، فقالت: أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم.
وعن علي رضي الله عنه أنه أتي بهدية في النيروز فقبلها.
وأخرج ابن أبي شيبة أيضا عن أبي برزة رضي الله عنه أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه.
وجاء في كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله النفيس "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" : "فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم".
ومن أهل العلم من منع من قبول هديتهم أو طعامهم بمناسبة العيد، لما في ذلك من الشعور بالرضا بما هم عليه.
ولا شك أنه متى كان هناك مندوحة لعدم الوقوع في هذا الأمر كان أحوط وأبرأ للذمة، لكن إن قبل فلا بأس، شريطة ألا يكون من الطعام المذبوح لهذا اليوم، لكن لا بأس بأكل الحلوى والفاكهة، ونحوه، مما لا يذبح، وشريطة ألا يشعر منك الداعي الرضا بما عليه من الكفر.
تنبيه: 
يحسن في هذا المقام أن أنبه على أنه لا يجوز بدايةً تهنئتهم بعيدهم، قال ابن القيم رحمه الله:
"وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه. أحكام أهل الذمة 1 / 441.
والله الموفق.
كتبه: د.محمد بن موسى الدالي
في 14/1/1433هـ
 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف