حكم تقسيم التركة قبل الموت
رجل قسم تركته قبل موته على أولاده ، فماذا يفعلون بعد الوفاة ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
هذه المسألة من حيث الأصل اختلف أهل العلم فيها
على قولين: فذهب أكثر أهل العلم إلى جوازها، عملا بما رواه
عبد الرزاق في المصنف عن سعد بن عبادة رضي الله عنه ، حيث قسم ماله بين أولاده وهو
حيٌّ، ثم وُلد له ولد، فأمر أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أن يأخذ المولود نصيبه من
الإرث، فأقرَّا التقسيم، على أن يعود المولود عليهم جميعا بنصيبه.
وذهب البعض إلى تحريم هذا الفعل، وهو رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله؛
وذلك أنه تعجل للشيء قبل أوانه، كما لا يبعد أن يولد له بعد ذلك، وتقع إشكالات
كبيرة، ولا شك أن هذا القول أحوط.
لكن على القول بالجواز، فإن كان الأب أراد بذلك
توريثهم، فهذا لا يصح؛ لأن الإرث محله بعد الموت، ولا يقال لشخص حي: ورِثه ورثتُه،
لكن مثل ذلك يجري مجرى الهبة.
فإن كان قسم ماله بينهم وفق الشرع، بأن أعطى
للذكر مثل حظ الأنثيين، وهو العدل في هذا الباب ، كما هو المشهور من مذهب الحنابلة؛
لأنها القسمة التي ارتضاها الله تعالى بعد الموت، والهبة بهذا الشكل استعجال لما
بعد الموت، فإن كان الأمر كذلك فلا بأس ، لكن لا تلزم تلك الهبة إلا بالقبض، بأن يقبض الأبناء
ما أعطاه الوالد لكل واحد منهم، فإن لم يحصل القبض ، وقع الفعل لاغيا.
ولا يجوز له في تلك الحال تفضيل أحد الأولاد على
بعض، أو غير المتزوج على المتزوج، كما لا يجوز له الإضرار بأي أحد من الورثة
، بحرمان أو نقص ، لعقوق أو فسوق ونحوه، فالعاق والعاصي حسابه عند ربه سبحانه.
والله الموفق
كتبه:
د.محمد بن موسى الدالي
في
2/2/1437هـ