إكمال الطواف بعد نقض الوضوء، ثم عقد النكاح بعده
امرأة انتقض وضوؤها
أثناء الطواف، وأكملت ورجعت، وعقد عليها عقد النكاح، فماذا عليها، وما حكم العقد؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فقد ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية
والحنابلة إلى وجوب الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر للطواف، وأن الطواف بغير
وضوء لا يصح، وأن على من طاف بغير وضوء أن يتوضأ، ويعيد طوافه، وإن كان قد سعى في
العمرة فعليه إعادة السعي ، ثم التقصير، وأن كل ما يشترط له الحِلُّ من العمرة لا
يصح حتى تتم عمرتُه، كعقد النكاح ، ويستدلون لذلك بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم لعائشة رضي الله عنها لما حاضت: ( افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ
لا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي ) متفق عليه ، وبقول ابن عباس رضي الله
عنهما: (الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاةٌ، إلا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ). رواه
الترمذي، وصححه الألباني.
وذهب الحنفية، وشيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن
الطواف بالبيت لا يشترط له الطهارة من الحدث الأصغر، واستدلوا
لذلك بعدم وجود دليلٍ صريحٍ على أن الوضوء شرطٌ لصحةِ الطواف، وإنما وردت النصوصُ
في الحائض، كحديث عائشة رضي الله عنها السابق.
وأما أثر ابن عباس رضي الله عنهمافلا دليل فيه على اشتراط الوضوء، إنما
يدل على أنه ينبغي أن يُعظَّم الطوافُ بالبيت كما تُعظَّم الصلاة، وليس فيه ما يدل
على اشتراط الوضوء، وهذا القول أقرب للدليل، والقول الأول أحوطُ وأبرأُ للذمَّة، فعلى
تلك المرأة أن تتجنب محظورات الإحرام، ثم تطوف بالبيت، وتسعى، وتقصر، وتحل، ولو جدَّدَتْ
إحرامَها من الميقات كان حسنا، ثم تعيد عقد النكاح، وهو أمر ميسور.
والله الموفق
كتبه: د. محمد بن موسى الدالي
في 18/4/1431هـ