لعنُ اليهودِ والنَّصَارى
هل يجوز لعن اليهود والنصارى علناً ، وإذا كان جائزا، فهل
هناك أحاديث صحيحة تدل على ذلك ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فإن لعن الكافرين على وجه العموم لا بأس به، وهو مما جاء به الكتاب العزيز، فقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ
وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً}الأحزاب:64، وقال
عز وجل: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }هود:
18، وقال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى
لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
} [المائدة: 78].
كما أننا أمرنا بالتبرؤ من اليهود والنصارى في كل صلاة، حينما
نقرأ : { غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }، وهذا دعاء متضمنٌ
البراءةَ منهم، ومن منهجهم وباطلهم وشركهم وضلالهم.
وقد لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم صريحا، فقد جاء في
الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم قالا : لما نزل برسول الله
صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصةً له على وجهه ، فإذا اغتمَّ بِهَا كشفها عن وجهه
، فقال - وهو كذلك - : (لعنة الله على اليهود والنصارى ؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)
يحذر ما صنعوا.
كما
أخرج البيهقي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يدعو
بهذا الدعاء : "اللهم العن كفرة أهل الكتاب؛ الذين يصدون عن سبيلك ، ويكذبون رسلك
، ويقاتلون أولياءك . اللهم خالف بين كلمتهم ، وزلزل أقدامهم ، وأنزل بهم بأسك الذي
لا ترده عن القوم المجرمين" .
إلا إن
قواعد الشرع تؤكد أنه متى ترتب على هذا السب واللعن مفسدة وجب الكفُّ عنه، فقد قال
تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ
عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]، فنهى الله تعالى عن سب الكفار - مع كونه
مطلوبا - إن كان سيفضي إلى مفسدة أعظم، وهي سب الله تعالى جهلا وعدوا بغير علم، أو
سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو سب الدين والشرع، فإن رأى الشخص ذلك وجب الامتناع
عن السب، وهذا من حيث العموم.
أما سب
الكافر المعين، فقد نُهي النبيُّ صلى الله
عليه وسلم عن لعن المعين من الكفار، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أنه سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة
من الفجر: اللهم العن فلاناً وفلاناً، فأنزل الله
تعالى: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} آل عمران: 128".أخرجه البخاري ومسلم.
قال ابن
مفلح: " وهل يجوز لعن كافرٍ معينٍ؟ على روايتين: قال الشيخ تقي الدين: ولعن تارك
الصلاة على وجه العموم جائز، وأما لعنة المعين فالأولى تركها؛ لأنه يمكن أن يتوب. اهـ.
والله الموفق
كتبه: د.
محمد بن موسى الدالي
في
23/11/1430هـ