هل طلبُ الاسترقاءِ يخرج العبد من الدُّخُولِ في السَّبعين ألفًا؟
هل الاسترقاء يُخرج من حديث السبعين ألفاً ؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم في شأن السَّبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا
عذاب، قال : ( هم الذين لا يتطيرون، ولا يكتوون،
ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون).
وقد ورد في مسلم : "ولا يرقون " ، لكن
هذه الرواية وهْمٌ من الرواي، كما ذكره شيخ الإسلام وغيره، بل قال النبي صلى الله عليه
وسلم - وقد سُئل عن الرُّقى-: (من استطاع منكم
أن ينفع أخاه فلينفعه)أخرجه مسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا) أخرجه مسلم.
أما معنى الاسترقاء، فهو: طلب الرقية من الغير؛
والحديث نصٌّ في عدم دخول من يسترقي في السبعين ألفا؛ ووجه ذلك أنه ناتج عن نقص
التوكل على الله تعالى ، والتعلق بالراقي ، فطلب الرقية - وإن كان جائزا لا كراهة
فيه - إلا أن الأكمل منه التعلق بالله تعالى، والتوكل عليه غاية التوكل، وعدم
الالتفات بالقلب إلى غيره سبحانه وتعالى، وترك هذه الأشياء المذكورة في الحديث.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا خاص بالرقية
الشِّركية، وأما من طلب الرقية الشرعية ، فلا يدخل فيه، والصحيح أنه عام، يشمل
الرقية الشركية والشرعية؛ لأن طلب الرقية - وإن كانت شرعية - ينافي تمام التوكل؛
لذا ختم الحديث بقوله: ( وعلى ربهم يتوكلون ) فجمع الحديث بين كمال الصبر على
الابتلاء، وكمال التوكل على الله تعالى، فعلى المسلم أن يعلق قلبه ورجاءه وأمله
ورغباته بالله تعالى، قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}
[آل عمران: 122]، فهذه مقاماتُ كمالٍ، ومراتبُ شرفٍ، حريٌّ بالمسلم أن يسعى إليها.
والله الموفق
كتبه:
د.محمد بن موسى الدالي
في
26/5/1430هـ